تخطي التنقل

لقد تم غلق باب الترشح للدورة الحادية عشرة.

أدباء: تحويل الروايات إلى مسلسلات يثري الدراما العربية

أدباء: تحويل الروايات إلى مسلسلات يثري الدراما العربية

تقتحم الروايات الشاشات العربية لعام 2016 بقوة وتأتي في مقدمتها “ساق البامبو” للروائي الكويتي سعود السنعوسي التي أغرت مخرجي الدراما الكويتية لتحويلها لمسلسل يضم كوكبة من نجوم الشاشة الكويتية أمثال سعاد العبدالله وهند البلوش.

وفي مصر جاءت رواية نجيب محفوظ “أفراح القبة” التي تحكي قصة فرقة مسرحية تخوض في قراءة نص، لكنها في النهاية تكتشف أن ذلك النص لم يكن سوى حقيقة وأنهم أبطال هذه المسرحية وفي سباق العرض تدخل رواية “دعاء الكروان” للروائي طه حسين التى تتجسد في مسلسل تلفزيوني بطولة الفنانة المصرية زينة والفنان تيم حسن وسيكون إخراج حسني صالح.

وهناك رواية “سمرقند” لامين معلوف، وغيرها.. فهل تحويل الروايات الأدبية إلى مسلسلات يخدم الدراما العربية؟ وهل تعاني الدراما الافتقار إلى كتاب ما جعل المخرجين والمنتجين يبحثون عن رواية أدبية؟ وهل نجاح تحويل الأعمال الروائية إلى الدراما التلفزيونية يتوقَّفُ على وعي وإدراك كاتب السيناريو، أو المعد، في عملية تحويل النص المقروء إلى مرئي أو مسموع، بأمانة وصدق؟

قالت الناقدة والكاتبة السورية نبيلة أحمد علي في تصريحات نشرتها صحيفة “اليوم” السعودية: أنا مع تحويل الرواية إلى دراما خاصة في هذا الزمن، زمن الصور والمشاهدة والمتلقي أكثر استخداما لتلك العناصر التكنولوجية، وبالتالي ممكن أن تصله الأفكار والقيم وخيال الرواية من خلال الدراما، لكن هذا يتوقف على العمل نفسه والطاقم المنتج للعمل ومدى قدرته على فهم النص وإيصاله بشكل سلس، إذا المسألة متعلقة بالعمل ككل وتتابع: فمثلا رواية الشيخ والبحر وجدتها كفيلم توازي الرواية أو لنقل أكثر إدهاشا أما رواية (المصابيح الزرق) لحنا مينا فكان المسلسل ضعيفا ولم يكن بمستوى الرواية وعلى هذا الاساس انا مع دعم الأعمال الإبداعية وتحويلها إلى إشكال أخرى تصويرية أو لوحات تشكيلية.

في حين رأت الشاعرة العراقية ساجدة الموسوفي أن الرواية خلال القراءة تنتقل بكل سلاسة ويسر إلى عقل وخيال وروح القارئ مباشرة بلا وسيط، فيكون تأثيرها أعمق وأقوى على النفس لما في الكلام من سحر وقدرة على التأثير، أما القاص رشيد الصقري نائب رئيس أدبي حائل فيرى أن العمل الإبداعي هو الجسد والسيناريو هو الروح.

من جانبه، قال الدكتور أحمد المنصوري أستاذ النقد بجامعة صنعاء قائلا: كل الأعمال الروائية يمكن أن تتحول إلى أعمال درامية، لكن هناك أعمال تتحول إلى أعمال درامية شريطة أن يتوافر لها مخرج ممتاز، يبذل جهودا كبيرة في الحذف والتشذيب والإضافة وحسن التصرف، ولا ننسى أن كثيرا من القصص التاريخية والدينية تناولها مخرجون بارعون وحولوها إلى أعمال تلفزيونية رائعة ومؤثرة، حين أعادوا صياغتها وأضافوا إليها متطلبات الدراما من التشويق والإثارة وحبكة العقدة والحل وجوانب الصراع، وما لم يتم مثل هذه الجهود سيصبح العمل الدرامي باردا كبرودته على الورق، وتقل حيويته أمام العين، ولابد من الإشارة إلى أن عملية التحويل هذه ليست امرا سهلا، وإنما تتطلب شروطا بالغة التعقيد، يفطن إليها المخرجون البارعون لا أي مخرج عادي.

وتجد الناقدة الدكتورة أميرة كشغري أن الرواية عمل إبداعي نصي يقوم على الخيال والوصف والحوار، بينما العمل الدرامي إبداع يعتمد على الصورة والسيناريو والتصوير والمونتاج، بالإضافة إلى الاستفادة من الأدوات التقنية.

وتتابع: لذلك فالمقارنة بينهما غالبا لا تكون موضوعية، ولا تأخذ في الاعتبار متطلبات جنسين أدبيين مختلفين في الخطاب والشكل والإمكانات يبدو لي أن ما يثار حول تأثر قيمة العمل الإبداعي (الرواية) عند تحويله إلى عمل درامي فيه كثير من الخلط والمبالغة سواء كان تقييمنا لهذا التحول سلبيا أو إيجابيا.

وتكمل كشغري: يعتمد نجاح تحويل الرواية إلى عمل درامي على عدة عناصر أهمها جودة السيناريو وقدرة كاتبه على إيصال جماليات العمل الروائي وتعزيزها بإمكانات الصورة السينمائية الهائلة التي تثري العمل وتنزله من المتخيل إلى الواقع.

في الرواية يقوم الخيال بمهمة تصوير الأحداث على عكس العمل الدرامي، حيث يحل السيناريو محل الخيال، ولا شك في أن السيناريو مهم جدا وأساس يقوم عليه العمل الدرامي.

وفي الوقت الذي يفقد فيه العمل الروائي بعضا من عناصره المتمثلة في الوصف والخيال فإنه يكتسب عناصر إبداعية جديدة قوية تتجسد في الأداء الفني (يعتمد على مستوى الممثلين) والسيناريو الجيد والتصوير والإخراج والمونتاج والموسيقى التصويرية المصاحبة للأحداث.

وأبان الشاعر الأديب المصري إبراهيم منصور عن رأيه بقوله: بعد ظهور ما يسمى باﻷدب الدرامي أو اﻷدب التليفزيوني تراجعت الدراما عن تحويل اﻷعمال الروائية إلى الصورة المرئية سواء على شاشة السينما أو التليفزيون وظهر جيل من كتاب السيناريو يبحثون عما يطلبه السوق وهو نوع من إرضاء المشاهد غير النوعي ومن هنا كثر الغث.

أما عن اﻷعمال الأدبية فقد كان حظها متفاوتا عند تحويلها إلى الدراما فبعضها حقق انتشارا وقدم اﻷديب للساحة وأوجد له جمهورا من القراء بجانب جمهور المشاهدين وبعضها ظلم النص اﻷدبي ﻷن صناعة الصورة تستلزم بلاغة مختلفة عن بلاغة الكلمة، وهنا يأتي دور اﻷديب نفسه؛ ففي عالمنا العربي الروائي يظل ينفق على اﻷدب حتى تأتيه هذه الفرصة ويضطر إلى التنازل حتى يخرج العمل مسخا وربما يبتعد عن الصورة التي كتب بها ﻷن السوق يتطلب بعض البهارات التي تدر أرباحا على المنتجين، وفي النهاية يظل لكل عمل ظروفه الخاصة به.


أضف تعليق