في أحدث دراسة نقدية له في مجال السرديات التي صدرت مؤخرا عن دار بيت الغشّام للصحافة والنشر بمسقط، استضافت أسرة الأدباء والكتاب ضمن موسمها الثقافي مساء الأربعاء الماضي بمقرها الكائن بالزنج كلا من زكريا رضي والناقد فهد حسين في ندوة نقدية حول كتابه (مرجعيات ثقافية في الرواية الخليجية)، وافتتح رضي ورقته بالحديث عن أهمية وضرورة هذا المبحث الذي اختاره فهد حسين في كتابه كونه يبحث في المسكوت عنه وما لا يقوله النص الروائي، ويعرف بالأسس والمحددات والمرتكزات التي يُبنى عليها النص الروائي، وفيه حدد حسين بحسب ما أشار رضي في ورقته ست مرجعيات تم استدعاؤها في الرواية الخليجية والارتكاز عليها وهي المرجعيات الثقافية، الاجتماعية، الفلسفية، التاريخية، الدينية، ثم المرجعية اللغوية والجمالية.
وأفرد زكريا رضي لكل مرجعية عرضا موجزاً عرف بطبيعة كل مرجعية وما تستند عليه وكيف تم تحديد ورسم الشخصيات وبناء العلاقات فيما بينها في الرواية الخليجية انطلاقًا منها.
ووقف رضي عند مرجعيتين مهمتين هما المرجعية التاريخية والمرجعية الثقافية، وتساءل في التاريخية عن ذلك التداخل بين التراث والتاريخ وما إذا كان يستدعي أن يتم فيه الفصل بين المرجعية التاريخية والمرجعية التراثية في منهجية الكتاب، أما في الثقافية فأشار رضي إلى حضور موضوع الهوية كواحد من أهم الموضوعات التي حددها فهد حسين في دراسته للروايات موضوع البحث ومن بينها روايتا التنور والبرزخ لفريد رمضان ورواية سلالم النهار لفوزية سالم الشويش، التي رأى فيها رضي أن ما يلفت في هذه المرجعية وفي سبرها من قبل الباحث هو الاستنطاق الذي رآه الناقد فهد حسين مسألة ربما تعد من أهم المسائل المطروقة في جانب النقد الثقافي وأكثرها حساسية، وهي مسألة الشعوب الأصيلة والطارئة وكيف تمت معالجة مسألة الهوية والنزوح للجماعات والقبائل والأعراق في الرواية الخليجية.
من جانبه، أكد فهد حسين على أهمية هذا الكتاب كونه الأول من نوعه في حقل النقد والنقد الثقافي الذي يبحث في مرجعيات الخطاب والعمل الإبداعي والروائي، وأشار إلى أن تحديد هذه المرجعيات في الرواية بست مرجعيات فقط ليس حسما ولا قولا فصلا في باب النقد، فهي أكثر من ذلك بكثير، وقد تتقاطع وقد تتداخل مع بعضها لكنها أبرز ما يمكن رصده وكشفه في الأعمال الروائية الخليجية وهي محاولة لفتح باب في المقاربة النقدية من زوايا نظر جديدة ومختلفة، وفيما يخص الورقة الحوارية، أوضح الأستاذ زكريا أن الحديث بشأن مرجعيات الخطاب يعدّ من المباحث المهمة والحساسة، ذلك لأنه لا يبحث فيما هو ظاهر ومنكشف، بل فيما هو محتجبٌ ومستتر ومسكوت عنه، أي فيما لا يقوله النص ولا يفصح عنه.
وهو أيضا من المباحث التي هي أقرب إلى النقد الثقافي منه إلى النقد الأدبي، وبصورة أكثر وضوحا، أنت هنا كباحث لا تبحث في الآليات ولا الأدوات ولا الفنيات التي بُني عليها النص بل تبحث في المحدّدات والأطر والمرتكزات التي ارتكز عليها الخطاب أو النص. وكون النصوص هنا موضوع البحث هي نصوص روائية، فعملية بنائها تختلف عن النصوص الشعرية والنثرية، فعملية إنتاج النص ليست بانثيال وتتابع متدفق ولحظي كما هي القصيدة، بل تأتي عبر مراحل وربما سنوات وهو ما ألمح له الباحث فهد حسين في مقدمته.
المصدر: صحيفة “الوسط” البحرينية