بدلاً من أن تبقى الروائية خولة الرومي في الحاضر أو تذهب إلى المستقبل، عادت بنا إلى الماضي البعيد في روايتها الجديدة «أُنشودة حُب» الصادرة عن دار الحكمة بلندن، وهي الرواية الرابعة في رصيدها السردي بعد «رقصة الرمال»، «الصمت حين يلهو» و«آدم عبرَ الأزمان». وحين تعود الكاتبة أكثر من اثني عشر قرناً إلى الوراء فلا بد أن تنطوي هذه العودة على رسالة ما تريد إيصالها إلى القارئ المعاصر، خصوصا أن التاريخ يعيد نفسه بأشكال وتمظهرات جديدة. تُرى، ما الرسالة التي تنطوي عليها هذه الرواية الرومانسية في مظهرها، والتاريخية في جوهرها؟ هل أن الروائية معنية بالحُب، والقصص العاطفية فقط، أم أنها تذهب أبعد من ذلك لتحذِّرنا من البرامكة الجُدد، وتلفت انتباهنا إلى الدسائس الماكرة، والمكائد الخبيثة التي يدبِّرونها في ليل؟ هذا ما سنحاول الإجابة عليه في هذه الدراسة النقدية التي تفحص الرواية لغة وبناءً وشخصيات.
تقوم هذه الرواية على ثلاث قصص حُب رئيسية، ومكيدة سياسية واحدة تُجهض في مهدها. وبما أنّ الخونة والأتباع الأذلاء يتناسلون أيضاً فإن المخاطر تظل مُحدقة بالوطنيين الأحرار الذين يحبون أوطانهم، ويضحون بالغالي والنفيس من أجلها كما فعل نور بن غسّان الأفضل الهاشمي الذي طُعنَ بيدٍ فارسية غيلة لكنه ظل حياً فينا ولن يموت إلى الأبد.
رغم كثرة الأخطاء اللغوية والإملائية التي ترتكبها خولة الرومي إلاّ أنها تنجح في تأثيث النص الروائي بعناصره الأساسية المتمثلة بالثيمة الرئيسية، وبناء الشخصيات، وحبكة الرواية ضمن هندسة معمارية تشي بأن الكاتبة تخطط لكل شيء قبل الشروع فيه، وأن الأمور لا تجري على عواهنها، وأن الشيء الوحيد الذي ينقصها هو أن تعرض مخطوطة الرواية إلى مصحح لغوي يقوّم الأخطاء التي تربك القارئ وتؤرقه.
المصدر: صحيفة الشرق الأوسط