قال الناقد الأردني د. إبراهيم السعافين: ليس من شك في أن الرواية منذ نشأتها جنس غير متشكل وغير منجز، كما ذهب إلى ذلك ميخائيل باختين بحق، يخضع لما تخضع له الأجناس الأدبية والفنون من تحولات، ولكنه الجنس الأدبي الأكثر عرضة للتحولات، ولذا يصبح من الصعب أن نقف عند شكل مرجعي أو تعريف جامع مانع مرجعيٍ للرواية أو لطبيعة تشكيلها.
وأضاف د. السعافين، في ورقة نقدية قدمها ضمن فعاليات ملتقى القاهرة الدولي السابع للإبداع الروائي العربي، حسبنا أن نلقي نظرة عامة على الشكل الروائي في تطور الرواية في القرنين الماضيين حتى نكتشف صحة هذه المقولة، فقد مرت الرواية بأشكال مختلفة واتجاهات متعددة جعلت البحث عن شكلٍ مرجعي مستقر أو ثابت ضربًا من الخيال، فمنذ أن خرجت الرواية Novel من عباءة الرومانسي أو القصص الخيالي الغربي Romance في صورتها الرومانتيكية والواقعية شهدت تحولات في المذهب نفسه أو في الأشكال التي نهجت نهج التجديد أو التجريب، فرأينا منذ حركات الحداثة Modernism ومذاهبها خروجًا على السياق العام المعتاد للسرد، واستغراقًا في عوالم النفس واللاوعي، وراح السرد يسعى إلى التشظي والتفكيك وتداخل الأزمنة والأمكنة وعوالم الشخصيات، وبدت الثورة واضحة على عناصر السرد نفسه نالت فيما نالت الحبكة والشخصية، فلم تعد الحبكة هي عماد السرد، ولم تعد الشخصية هي محور العمل الروائي كما نجد في الرواية الجديدة في فرنسا التي لا تعير الشخصية وزنًا على اعتبار أن الشخصية والإنسان نالا أكثر مما يستحقان بكثير، وأن الأشياء أولى بالاهتمام منهما بكثير.
وذهب د. السعافين إلى أن نجيب محفوظ من أسبق الذين تنبهوا على هذه القضية مبكرًا من الناحيتين النظرية والتطبيقية، فقد أورد جمال الغيطاني في كتابه «نجيب محفوظ يتذكَّر» قول نجيب محفوظ إنه لا يوجد شكل (صح) وشكل خطأ، بل إن لكل رواية شكلها الخاص، وذكر أنه كان يعتقد ذلك فيما سبق، متخذًا من نماذج الروائيين الكبار أمثال بلزاك وديكنز وديستويفسكي وتولستوي نموذجًا يُحتذى، فرأيناه يجمع بين «الثلاثية» وأعماله الواقعية الشهيرة وأعمال اتخذت منحى التجريب، حتى إنه جعل من «حكايات حارتنا» رواية، وهي عبارة عن حكايات يقع أصغرها في نصف صفحة وأكبرها في ثلاث صفحات، ولا يجمع بينها إلا المكان المشترك وهو الحارة.
المصدر: صجيفة الدستور الأردنية