آسيا عبد الهادي، صاحبة مشروع روائي عربي، ملتزم بهموم أمتها القومية وتطلّعاتها التحررية، وضمن هذا التوجه، أصدرت ثماني روايات، تقدّمتها روايتها «الحب والخبز» الصادرة عام2006 .
تتخذ هذه الرواية من القضية الفلسطينية، ومن حرب 1948 وما قبلها وما بعدها حتى حرب 1967 مسرحاً لأحداثها، تتوقف عند الانتهاكات «الإسرائيلية» لحقوق الإنسان الفلسطيني التي طالته في أرضه وعرضه ومقدّساته وممتلكاته والتي انتهت باحتلال وطنه، مستعينة بذاكرتها الحديدية، لـِتـُذَكـّر بأدق تفاصيل العذاب والقهر الذي ذاقه من استشهدوا ومَن أسروا ومَن جُرحوا ومَن اعتقلوا ومَن تعرضوا للمذابح، ومَن تشتتوا في المنافي، ومَن سحقتهم الغربة، ومَن تعرّضوا للجوع والفقر وتقلبات الطقس في كل الفصول وهم في خيام أو مـُغـُر تشبه الجحور، أو في منازل لا يمتلكون أجرتها، لتؤكد الروائية هنا مصداقية المثل القائل من طلع من داره قلّ مقداره وبقدر ما كان لدى هؤلاء من كرامة، ومن إصرار على التحرير والعودة للوطن، بقدر ما طالتهم يد الغدر والخيانة، فما عجز عنه الاحتلال، نفّذه ذوو القربى الذين مثلتهم شخصية العميل أبو عرنك.
يُسجّل للروائية هنا، أنها لم تتخذ موقفاً محايداً، وهي تنتصر للخير في مواجهة الشر، فكانت طويلة النفس وهي تستعرض مداهمات وكرابيج واعتداءات الجواسيس، ومن سقطوا في إدمان الخمر الذي ذهب بعقولهم، والبخلاء الذين ساهموا في بث الحرمان ومارسوا التجويع، عدا عن الأمراض التي فتكت بكثير من الأشخاص، بشكل موازٍ لوقفاتها عند ممارسات العدو الوحشية، ولقسوة البيئة والطبيعة، وبشكل مواز أيضاً لاستعراض وقفات العز والكرامة التي نفذتها الشخصيات النامية والمتطورة في الرواية، التي كانت تتحدّى الموت، لتبث الخصب وتجدد الحياة، عبر رفضها للانتداب والاحتلال بالقول وبالفعل، عدا عن تضحياتها من أجل التحرير والعودة. وهنا تبرز اللوحات التشكيلية التي بثتها الروائية للأرض الفلسطينية المعطاءة، التي أنقذت بما أنبتته حياة كثيرين من الموت، وعدا عن العذاب الجسدي، فقد أسهبت الروائية في استعراض العذاب الروحي والنفسي الذي لحق بأبناء وبنات شعبها بشكل عام، وبشكل خاص وهم يناضلون من أجل التعلـّم سواء في المدارس الحكومية أو مدارس الإرساليات أو مدارس وكالة الغوث الدولية أو حتى في الكتاتيب والمنازل، التي كانت تخلو من الماء والكهرباء وغيرها من ضرورات الحياة.
المصدر: صحيفة البناء