أصدر الكاتب العراقي إبراهيم الأعاجيبي، حديثا، روايته الثالثة التي تحمل عنوان “الرجوع الصادم”، ليسلط من خلالها الضوء على معاناة الأنثى المشرقية في المجتمع القبلي.
وتقسم رواية “الرجوع الصادم” إلى قسمين، الأول يرسم ملامح وضع المرأة العربية وتشتتها بين عادات بيئتها والحياة المعاصرة، والثاني يجسد الصراعات السياسية والاقتصادية وتغول رأس المال في العالم العربي، وتمرد الطبقات المسحوقة على كل شيء بحثا عن حياة كريمة.
يقول الكاتب بلسان الراوي العليم: “يعود الغائب حاملا معه حنينه ولهفته إلى أهله وكل ما يشده إلى أرضه.. وفي لجة تزاحم الأفكار وتشتتها، أكون كمن خرج من ظلمة لم يحلم بأن يخرج منها ذات يوم، هذه الأشواق تعصر النفوس وتكاد تفتك بها لولا بقية صبر تتجمل به النفس في بعض الأحيان، أعلل النفس بأن للأمل فسحة قد تمر، فتزيل ما تراكم من أوجاع وآهات. الهواء حتى الهواء يختلف، كأنه يتكيف لكل أرض بحسب طبيعة سكانها”.
ويضيف في موطن آخر: “خلقت الدنيا متغيرة، وأنفت أن تبقى على حال تستقر عليه، هذا التغير ليس تغيرا في طبيعتها الذاتية بل على ما خرج منها، التغيرات التي تطرأ على الدنيا هي تغيرات في طبيعة من يعيش فيها من كائنات، لعل الإنسان أكثر المتغيرات بين هذه المخلوقات، ربما يبدل كل حين جلدا جديدا يتكيف به وله وعليه، تتغير الأنظمة وتبدل جلدها كل فترة طالت أم قصرت”.
في الرواية نلمح تقلبات الحياة وقسوتها، لتتحول المشاعر النقية إلى وجبة لقوى الشر، ويبث الكاتب من خلالها وجهة نظرة من الحياة، فالخطأ الأول في تجربة الأبطال الشخصية يقود إلى سلسلة من الأخطاء المعقدة.
قال الأعاجيبي إن “الوقوف عند أول هفوة يجعلنا نعيد النظر في أصل المشكلة، فمعالجتها في بداياتها قد يغنينا عن تعقيداتها المستقبلية وتبعاتها الخطيرة”.
وتمثل الوساوس أحد أبرز عناصر الرواية لتعبث بطريقة تفكير أبطالها، وهو ما نشهده بوضوح في شخصية سعاد التي وصلت إلى مرحلة الضياع التام والاغتراب الاجتماعي، وبعد معاناة نفسية طويلة تجد نفسها مضطرة للتحول إلى بائعة هوى.
وتشهد الرواية تحولا ملحوظا في قسمها الثاني، بالاتكاء على عنصر التشويق، لنلمح النقمة والتمرد التي تحيل بطل الرواية إلى جملة من المغامرات والصدامات غير المتوقعة.
ويتسم جو الرواية العام بالنقد اللاذع، وسط تحولات سياسية واقتصادية واجتماعية، يبرز فيها خداع السياسيين وجشع أصحاب رؤوس الأموال.
ويقدم الأعاجيبي في روايته وصفا نفسيا مستفيضا عن التحولات التي تطرأ على البشر لدى تغير أوضاعهم الاقتصادية.
وتتطرق الرواية لبروز طبقة أثرياء جدد في البلدان العربية التي تعاني من الحروب والأزمات، لنرى أشخاصا باعوا الأوطان وباتوا يتحكمون بمقاليد الأمور، ناهيك عن رقاب العباد.
وقال: أعطيت الشخصية دورا كبيرا لتعبر عن خلجات نفسها، قضية الإنسانية المعذبة والضياع الإنساني، قضية العراق بأسلوب جديد وموضوع جديد قديم، لأسلط الضوء على ما عاناه العراقيون في حرب 1980 وما بعد 2003.
وأضاف: الإنسان العراقي هو القضية التي أخذت ثقل السرد كله، إلا أن المأساة والسوداوية والحزن العميق هي اللون السائد على مجمل الحكاية.
رواية “الرجوع الصادم” من إصدارات دار الورشة الثقافية، بغداد، 2020، وتقع في 200 صفحة من القطع المتوسط.
المصدر: موقع إرم نيوز