صدر عن دار العائدون للنشر والتوزيع- عمّان، رواية “ولا يزال هشاً” للروائي د. باسم شاهين، وهي الرواية الثالثة له، حيث تغوص أحداث الرواية بين الصراع الداخلي الذي يعتمل في البشر حول التناقضات التي يطفو بعضها على السطح، بينما يغوص البعض الآخر في تناوب يجسد إنسانية الإنسان، قوته وهشاشته، تفانيه ونزوعه للخيانة، حبه وكراهيته.
يشير الروائي إلى أن الرواية تختلف أجواؤها وأحداثها عما سبقها من أعمال روائية صدرت له، حيث تخوض رواية “هروب” في معركة الاغتراب، وتروي قصة “أبو العز” الذي يرتحل نحو دول الخليج حاملاً معه أحلاماً بحجم السماء، ليصاب بخيبات متوالية تعكس ما يواجه الكثيرين من الحالمين بثراء سريع، فيما تحكي رواية “فلفل كافر”، عن صناعة الأسطورة وتغذيتها حتى تصبح هي السنّة التي تحكم علاقات البشر وصراعاتهم ابتداء من فجر التاريخ العربي وحتى داعش.
بينما تتمحور أحداث “ولا يزال هشا” حول شخصية الطفل عليّ الذي عاش بين المخيم والقرية، وتدور أحداث عامة وخاصة يتخللها حروب، ووفاة الزعيم جمال عبد الناصر، فيخوض البطل في طفولته صراعاً اجتماعياً بعد تكليفه بحماية شقيقته صفاء من مضايقات الشبان المتربصين، ثم وقوعها فريسة ابتزاز لشيخ القرية عبد الحيّ الذي يصر على الزواج من صفاء على الرغم من فارق السن الكبير بينهما، وكونه متزوجاً من امرأتين. وسرعان ما يتضح أن ذلك الزواج هو جزء من صفقة كبيرة وقذرة بين الكبار في القرية، وحول إذا كان هناك إسقاطات “صفقة القرن”، في هذا العمل يرى شاهين أنه لا إسقاطات مباشرة أو مقصودة من هذا النوع، وإن ظهر أي تناص أو تشابه أو إيحاء فهو حق حصري للقارئ الذي يجوز له ما لا يجوز لغيره. يحضر الاغتراب والشتات بشكل واضح في أعماله، ويقول شاهين: “بالنسبة لجيلي، الشتات هو أول الوعي، وهو بداية الرحلة، رحلة الحياة، حياة البحث عن معنى ووطن.. ماذا يعني أن تولد في مخيّم لتجد نفسك أمام أسئلة لا تنتهي عن العودة والغد الآتي ولقمة الخبز، ثم لا تلبث أن تبدأ شتاتاً جديدا؟ رحلتنا كانت على الدوام مرادفة للشتات، ومرادفة للحنين أيضاً”.
ويضيف: الحنين في هذه الحالة اشتياق لما فات وتوق لما هو آت.. وما بين الشوق والتوق، كنا وما زلنا ننتقل من محطة لمحطة، ومن منفى إلى منفى حتى تبعثرنا في كل قارات الأرض.
يتابع الروائي: على المستوى الشخصي مثلاً، أنا ولدت في مخيم، وانتقلت إلى حي بدائي من أحياء المدينة، وبعد تخرجي من التعليم الجامعي ارتحلت مثل الملايين بحثاً عن العيش الكريم، وفي كل هذه المحطات والمنافي يبقى الحنين هو الأكثر حضورا، ومع ذلك، حاولت في رواية “ولا يزال هشا”، أن لا أجعل الشتات محوريا أساسيا فيها، كما في الرواية الأولى “هروب” بل جعلتها رحلة في داخل النفس أكثر منها رحلة في الجغرافيا، وإن كان ثمة تقاطع بين الرحلتين.
المصدر: صحيفة الغد الأردنية