تبدو القرية المصرية حتى اليوم تربة خصبة للكثير من الحكايات والتفاصيل السردية النادرة، رغم كل ما وصل إليه العالم وما تناوله الكتّاب والأدباء على مر السنوات من أفكار ومواضيع تبعد كثيرًا عن كل ما يمت لعالم القرية والريف بصلة، إلا أن عالم القرية يبدو واعدًا دومًا بالمزيد، سواء كان ذلك من طبيعة تركيبتها المجتمعية وعلاقة أفرادها بالسلطة الحاكمة، أو ما يمكن أن تختزنه وتحويه من أساطير وخرافات وحكايات تشكل حياة الناس وترسم مصائرهم، بل تحدد مستقبلهم.
في روايته الجديدة «الفابريكة» يسعى «أحمد الملواني» إلى استخدام كل عناصر بيئة القرية والاستفادة منها في بناء عالمه الخاص جدًا، والمختلف كليّة عمَّا اعتدنا عليه وألفناه، رغم أنه يقوم بالأساس على جزء كبير من الواقع، ولكنه يضفر الحكايات الخرافية التي تنشأ في هذه القرى والمناطق البعيدة عن عمران المدينة وحضارتها وثقافتها، وينجح إلى حدٍ بعيد في الدمج -ربما لأول مرة- بين الخرافات والأساطير التي نسجها أهل القرية تلك، وبين أفكار الخيال العلمي التي تدور في أذهان كثير من العلماء منذ مئات السنين وحتى يومنا هذا.
أفكار عديدة تدور في الرواية، بدءًا من الاستفادة القصوى من الطاقة الشمسية في توليد قدر كبير من الطاقة القادرة على تشغيل مصنع بأكمله، مرورًا بـ«إكسير الشباب»، ذلك الذي يتيح للمرء أن يبقى حيًا لمدة أطول، وأن يحافظ على شبابه مهما طال به العمر، وصولاً إلى أكثر الأفكار فانتازية وجموحًا، مثل تحويل البشر إلى حيوانات مفترسة!