في روايته “القنّاص” يعيد الكاتب مصطفى يحيى إلى مسرح الأدب قضية أزَوَاد (النيجر) والصراع بين فرنسا والبنتاجون على مدينة عولام والنزاع بين قبائل الدجيرما التي ينتمي إليها أغالي أليمبو – قائد الحركة الوطنية من أجل العدالة في النيجر – وبين قبائل الهوسا بقيادة زعيمها كميل أكمل؛ ودعم البنتاجون أكمل في انقلابه على أليمبو – رئيس النيجر المنقلب عليه – وما آل إليه الصراع من سيطرة الطوارق على المدينة.
عبر هذا الفضاء يبني مصطفى يحيى عالمه الروائي كعالم بديل أو موازٍ للعالم الواقعي الملموس، فيتجه نحو الصحراء الأفريقية ليعرض علينا يوميات الحياة في معسكر زاريا في جوثاي حيث وجود مناجم الذهب وهجمات الهمج أو الطوارق على المعسكر واعتبارهم شركات التنقيب غزاة لأرضهم.
أما عن استكشاف هذا العالم المأزوم فيعهد به الكاتب إلى “مازن” ويجعل منه مفتاحاً لروايته؛ “مازن” الذي يحاول محاربة ذكرى مشؤومة فَقَدَ خلالها أباه طفلاً والمنتمي إلى المدرسة العسكرية الدوليّة شاباً، والباحث عن التفوّق والكمال مستقبلاً وجد في برنامج القنّاص التلفزيوني غايته بعد أن منحهم لقطة مقرّبة لثمانية إرهابيين يخترقهم رمح واحد؛ يدور بالتصوير البطيء.
هذا البرنامج وجد فيه “مازن” مجالاً لتعزيز ثقته بنفسه بما يوفره من استراتيجيّات الحرب والخداع وغير ذلك من فنون القتال. وما هي إلا بضع سنوات حتى يعود ويتقدم بطلب للالتحاق بالعمل في الفرق الأمنيّة التي تقودها المدرسة العسكرية خارج البلاد. فيختار وسط إفريقيا حيثُ فرق الأمن التي تدير آبار البترول والذهب وجبال الألماس.
وهناك في المنجم يتدرب على يدي أدهم الجبلي النموذج المثالي الذي يطمح أي مقاتل أن يكوْنَهُ، ويصطدم مع سليم فخري قائد فريق الأمن، ويأسر امرأة طوارقية ويأتي بها إلى المعسكر ويدخل في شبكة علاقات تقوده إلى عالم شرس يقوده الأقوياء، أيقن “مازن” من تجربته فيه أنه كان مجرد فريسة حمقاء سقطت في شركهم الأعظم “برنامج القناص” الذي غيّره وغيّر معه نسيج الشعب بأكملهِ.
لقد عرف أخيراً أنه سقط في شِباك عالمٍ مفترس. تتنبأ الرواية أحداثه على مستوى الكون بفضاء متخيل حتى نهاية الألفية الراهنة.
المصدر: ميدل إيست أون لاين