اعتادت الروائية أنعام كجه جي أن تحمل العراق وهمومه في قلبها أينما ارتحلت وهكذا جاءت روايتها (النبيذة) عن العراق وأهله والتغيرات التي طرأت على البلد عبر عقود من الزمن.
تفتح الرواية شبابيك مؤنسة ومؤلمة على تاريخ العراق القديم والحديث، الثقافي والسياسي، من خلال ثلاث شخصيات. الأولى هي تاج الملوك عبد المجيد العراقية من أصل إيراني والصحفية المتحررة صاحبة مجلة (الرحاب) في أربعينات القرن العشرين.
الشخصية الثانية هي منصور البادي زميلها الفلسطيني في إذاعة كراتشي الذي هاجر إلى فنزويلا وأضحى مستشارا لرئيسها هوجو تشافيز، أما الثالثة فهي وديان الملاح العراقية وعازفة الكمان في الأوركسترا الوطنية.
تغزل الكاتبة حيوات شخصياتها المغمسة بحلو الخيال والمجبولة بنار الفقد والخسارة لتسرد ثمانين عاما من حكايات بلد خرج منه المستعمر الإنجليزي ليعود إليه عبر الاتفاقات السياسية.
وتسافر (النبيذة) بخفة ريشة تثقلها الذكريات بين فلسطين وكراتشي والعراق وفنزويلا وباريس، وتتنقل بين الأزمنة والتحولات السياسية بلغة سلسة وقصص محبوكة مشغولة بعناية، لتحيلنا الى علاقات حب أسطورية معلقة.
ووصلت الرواية الصادرة في 325 صفحة عن دار الجديد في لبنان إلى القائمة القصيرة لـ الجائزة العالمية للرواية العربية في أبوظبي والتي تعد من أبرز الجوائز الأدبية وأعلاها من حيث القيمة المالية.
وعن تعدد الأماكن والدول مع بقاء العراق في قلب الأحداث في هذا العمل وما سبقه قالت كجه جي في مقابلة مع رويترز “ليس غريبا أن يحضر العراق في كتاباتي بل الغريب ألا يحضر، فالروائيون غالبا ما يكتبون عن أوطانهم”.
وأضافت “لا أرى أنني أقوم بتمرينات أو علاجات، كما لا أسجل التاريخ لأنني لست مؤرخة، بل أحاول رسم الظلال التي ألقتها الأحداث السياسية على مصائر الأفراد، رجالا ونساء. هل هناك بلد عربي لم تفسد السياسة حياة مواطنيه؟”
وتابعت قائلة “أظن أنني أكتب بلغة واقعية وأميل لكتابة الحاضر، وما عودتي لبعض التاريخ سوى للإجابة على سؤال: أين كنا وأين أصبحنا؟”.
وبقدر تتبع العراق وتاريخه وأهله تبدو صياغة كجه جي ووصفها للأماكن والدول في غاية الدقة والعذوبة وهو ما ترده الصحفية التي تعيش في باريس إلى اطلاعها وبحثها الممزوجين بالخيال.
المصدر: موقع البوابة