«دفاتر التدوين» مشروع روائي للكاتب جمال الغيطاني مفتوح على اللامدى، يبدأ ذلك من العنوان المنفتح على المضامين كافة؛ فلم يكن عنوانًا لرواية أو لقصة أو لأي شهل سردي؛ فلم يكن مقتبسًا من النص فيشير إليه؛ بل هو يشير إلى كل شيء، محتملاً لكل شيء، حيث تؤكد د. عتاب عادل في كتابها «الخطاب الروائي في «دفاتر التدوين» لجمال الغيطاني» (الهيئة المصرية العامة للكتاب) أننا نجد اللا مدى في انفتاح الشكل الروائي على الأشكال الروائية الكائنة كافة وتؤسس لأشكال روائية ستكون.
ويقصد بروائية أي مادة «رَوي» وليس قصر الدفاتر على الرواية التي هي الشكل الأدبي المعروف. كذلك نجد اللا مدى في انفتاح نص الدفاتر على مختلف النصوص الأدبية، والتراثية والشعبية والأحاديث النبوية والآيات القرآنية، وعلى كل نصوص الغيطاني منذ أن كتب أوراق شاب عاش منذ ألف عام وحتى الدفاتر، كذلك انفتاحها على كل ما هو آت للكاتب الذي قرر أن هذا العمل – دفاتر التدوين – ممتد، بما يعني أن هذه المجموعة التي بين أيدينا وعددها سبعة – حتى الآن – لم تنته بعد، فما زال هناك الكثير وهو ما صرح به الكاتب مرارا فوجدناه منتشراً في ثنايا النص الدفاتري.
وتلفت الناقدة أنه حرصًا على عدم التيه في غيابات هذا العمل الإبداعي قررت أن أحدد بعض عناصر، في محاولة لاستكشافها، منها: الزمن والمكان والشخصيات والراوي والمنظور الروائي، حيث يحتوي كل نص أدبي على زمن، نتفقده لنقف على أوله ثم آخره بعد التجول في طرقاته، غير أن زمن الدفاتر لم يكن زمنًا للكاتب أو للمكتوب؛ بل زمن الكون الذي طالما أعلنا الوقوف عليه، هو زمن الكائن وما كان وما يكون، وإن كنت خضت غمار «دفاتر التدوينط بحثًا عن الزمن كعنصر للدراسة فلم أجده عنصراً؛ بل وجدته زمناً.
ومن وجهة نظر الكاتبة إذا كان للراوي منظور يروي منه ما يروي، فحتمًا للقارئ منظور يقرأ منه ما يقرأ، ناهيك عن القارئ الدارس الذي يكلف بما لا يكلف به القارئ العادي، وهو تحديد مسارات وأخاديد يدق خلالها شعلات مضيئة لمن لم يدر، ودهاليز عالم الدفاتر تحتاج إلى حذر شديد فهي لن تكتشف دفعة واحدة ولا مرة واحدة، ففي كل مرور اكتشاف.
المصدر: صحيفة الدستور الأردنية