صدر مؤخرًا عن دار كيان للنشر والتوزيع، رواية “تكاد تضيء” للكاتبة الفلسطينية سامية عياش.
ومن أجواء الرواية نقرأ:
“كلّ ما فيها كان يستشعر جسده، تفكر كم مرة عانق التراب دون أن يذوب فيه حقيقة، جسده الذي آوى كل الزنزانات على عكس ما تظنه الصدور بأن الزنزانة تَحوي ولا تُحتوى.
جسده الذي لم يبكها إلا بالدم، ولم يتكلم إلا بلغة الصبر والصمت، جسده ذاك العصيّ الذي فقد ماء طفل بقي يحلم أن يكون له.. يداها اللتان تتحسسان طريق شفتيها قبل أن تمرا فوق الأبيض البارد، يداها الراجفتان، الخائفتان من أن تخدش فيه شيئًا، يداها كانتا حلمه لو كان حيًّا. ظلت تتحدث أمام جثته كما لو كان يقظًا، دون أن تبكي، كانت مدفوعة للحكي لا للبكاء، فللبكاء وقته الذي لم يحن”.
عبر فصولها الخمسة “ذاكرة، وعتمة، وأمنيات، وتأرجح، وضجيج” تسير رواية تكاد تضيء بطريق متوازٍ عبر حياتين وبين زمنين مختلفين، الزمن الأول تشقه حنان العائدة من الأردن تجرجر فشل زواجها، والآخر تقرأه من خلال مذكرات تيماء التي وجدتها على الجسر الواصل بين شرق الضفة وغربها.
في رواية تكاد تضيء يتفتّح الارتباك الأوليّ للحب، ورغم الألم يقفز عبر الخدود المحمّرة، ويختبئ داخل الحكايات القديمة التي تتناقلها الأجيال، وينمو في الشعر والكلام الموارب على كل الاحتمالات.. حيث أدونيس، وكافكا، ومحمود درويش، والبياتي، وإلياس خوري، وباولو كويلهو، وأغنيات موضوعة على جروح مفتوحة.
كل تلك النصوص المتنوعة بين الشعر والرواية والأغنية يتبادلها لؤي وتيماء محمولين في دفتر أسود عبر رسائل بريدية ويوميات تشفّ مشاعر إنسانية صادقة، تصبح تلك النصوص والمشاعر دليلا تهتدي به حنان في طريقها.. فأين الطريق؟.
لا تتنسى الرواية أيضا الحالة السياسية الفلسطينية فترة سرد الرواية، بكل ما في حياة الفلسطيني العادي من تضارب وأفكار وأحداث، دون أن يحوّل الرواية إلى منبر أو بوق سياسي، إذ تُكتب مذكرات تيماء ما بين 2005 وحتى 2006، فيما تعيش حنان بين 2007 وحتى 2008.