يحمل الكاتب المصري أحمد رجب شلتوت شغفا كبيرا بالرواية قارئا ومتابعا، وهو في قراءاته لمنجز الفن الروائي ينطلق من مفهوم يربط بين الرواية عموما وكينونة الإنسان، فالرواية صاحبت الإنسان في كل تجلياته، وهي أيضا تشبهه في قدرته على التطور والتجدد والاستمرار، لذلك تمنح نفسها دائما حيوات جديدة، وتثبت خطأ التنبؤات بموتها، وهو في كتابه الجديد “ربيع البنفسج” الصادر عن وكالة الصحافة العربية – ناشرون بالقاهرة، يقدم تنويعا جديدا لذات اللحن، وقد قصره على الرواية العربية فقط، بادئا بالإشارة إلى ربيعها، وبصيحات نفر من المتشائمين القائلين بأن ربيع الرواية العربية حاليا سرعان ما سيئول إلى بوار واندثار، وأن ذلك الرواج ظاهرة وقتية، ستنتهي وسوف تعاني الرواية وتقترب من الموت عندما تخاف التجديد وتخشى المغامرة وتركن إلى الجاهز من التقنيات والثيمات.
يختلف شلتوت مع الرأي القائل إن انحسار ربيع الرواية العربية قادم، فالكتابة الروائية العربية من وجهة نظره تشهد مؤخرا تحولات في اللغة والخيال والموضوعات والأشكال والرؤى والمواقف، فأصبحت أكثر أشكال التعبير قدرة على تصوير تشظي الذات والمجتمع العربيين، وقد تأثرت كثيرا بما مر به المجتمع العربي من منعطفات في العقود الثلاثة الكبيرة، بحيث يمكن أن نضع نماذجها المميزة بين قوسي حرب الخليج الثانية وفشل ثورات الربيع العربي.
وقد أينع ربيع الرواية العربية وأزهر، وجاءت زهوره بنفسجات بلون الأسى الذي يلون المجتمع كله، فشكلت الروايات بتنوع اتجاهاتها ورؤاها باقة من البنفسج بديع لكن أسيان، فقد انعكس فيه كل ما في واقعنا العربي من قهر وأسى.
والمشهد الروائي العربي من المحيط إلى الخليج يزخر بنماذج لأعمال روائية جديدة وجيدة، وينفتح في كل الأقطار وفي المنافى على كافة التيارات والأجيال، ويتسع لكل الرؤى والتوجهات، بحيث يمكن للمتابع أن يذكر عشرات الأعمال الروائية الجيدة المكتوبة باللغة العربية، ولا تقتصر الظاهرة على قطر عربي دون أن تكرر ثيماتها، لكنها تعبر عن أزمات إنسان عربي متكرر الهزائم والخيبات، لذا يغلب على شخصياتها التيه والانكسار، هي بذلك لا تكرر نفسها، فلكل حالة ولكل رواية خصوصيتها.
المصدر: موقع ميدل إيست أونلاين