في روايته «رحلة نوح الأخيرة» الصادرة حديثاً عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر في بيروت، يقدِّم سالم الهنداوي فصول الفناء والعدم في رحلة الإنسان إلى المجهول.
كان الروائي الليبي كتب رواية «خرائط الفحم» إحدى روايات «نوح» في منتصف ثمانينات القرن الماضي، في نهاية الحرب الباردة، لكن العالم المتخيّل في الرواية، اشتعل في حرب كونية ثالثة كان ثمنها موت الإنسان واحتراق المدن التي تحوّلت إلى فحم، وإنسانها إلى مسوخ بشر.
في مشهدياته السوريالية، يضعنا الكاتب في العالم الموحش، وينقلنا مع «نوح» في الرحلة الأخيرة إلى المجهول.
وأراد سالم الهنداوي في هذه الرواية الشيّقة التجريب من أجل عالمه المتخيّل، مستخدماً لغة مفعمة بالشاعرية والألم حيال مصير الإنسان المفجوع الذي يسقط في الحرب، وحيال مُدن الذاكرة التي تسقط في الهشيم.
وفي روايات «نوح» القصيرة تصنع لغة الكاتب مغامرة الكتابة في زمن يستدعي المستقبل المجهول في الحرب، وكأنه ينذرنا بالزوال إذا ما نظرنا إلى ويلات الحروب التي تنشب هنا وهناك.. وفي أجواء غرائبية متّشحة بجمال اللغة، يضعنا الهنداوي في صميم زمانٍ نعيشه ومكانٍ نراه بعيون قلقة.
وفي «رحلة نوح الأخيرة» تصنع الرواية العربية الحدث العالمي في جمالية سرد تجاوزت في تماهيها حدود المكان إلى فضاء أرحب بكل اللغات، ولعلها التجربة السردية اللافتة في الرواية العربية التي تحكي نهايات الحرب، وتصف العدم في رحلة الإنسان إلى المجهول.
المصدر: موقع الوسط