رواية سليمان عوض تعد نموذجًا يطرح فكرة التعاطي مع النص من خلال الجدل الأدبي الشهير حول: الشكل / المضمون، أو القلب / القالب.
هناك مقولة في النقد الأدبي لاقت ترحيبًا وتأييدًا من المبدعين والقراء علي سواء: أن العمل الأدبي هو الذي يصوغ قوانينه ومدخله الخاص، وأن المقاربة للنص الإبداعي يجب أن تصدر عن ذات النص نفسه، ولا تجلب له ما هو خارجه.
وتعد رواية “أمنية” بقلم الطبيب الأديب د. سليمان عوض، نموذجًا يطرح فكرة التعاطي مع النص من خلال الجدل الأدبي الشهير حول: (الشكل / المضمون)، أو (القلب / القالب)، أو الكأس الشفاف وما يحتويه من شراب أدبي لذة للشاربين، حيث ذكرت الرواية حديث بطل السرد د. سامي للمثقف الكاتب أمين المكتبة، ووالد “أمنية” الشخصية الأنثوية الروائية الرئيسية، معلقًا بذائقة أدبية علي مطالعته لمخطوط نصوصه الأدبية: (يا أستاذ صالح أنت بتجيب من الدنيا أجمل ما فيها، وبتغلفها بغلاف جميل متقن من شعرك)، أي كون النص الأدبي يتشكل من مزيج “متقن” من مصفوفة ثيمات موضوعية واخرى فنية. ونبدأ بالرحيل عبر المقاربة التالية.
أول لمحة يصافح بها القارئ الرواية عبر العنوان الرئيس “أمنية” مما يمنح القارئ فكرة مبدئية أنها رواية سيرة ذاتية لشخصية روائية مركزية، وفي رؤية للنقد الأدبي أن المفتاح السحري للرواية الخيالية يكمن في الشخصية الروائية بواقعيتها وإثارتها للاهتمام، والتبرير كون الشخصية تسيطر في الواقع علي كثير من نواحي الرواية خاصة من ناحية الحبكة والأسلوب. وعندما يبحر القارئ في المتن الروائي لرواية (أمنية) يلتقي بفريقين من الشخصيات الروائية تمثل قطبي نقيض من ناحية إقتنائها مجموعة متباينة لكل فريق من القيم السلبية وأخرى إيجابية، في إطار من المفاصلة الفكرية والسلوكية الواضحة كعين الشمس في الظهيرة، ونتأمل حولها من ناحيتين، الأولى ما يتصل باللقاء الأول للقارئ مع الشخصية الروائية، حيث يذكر علماء الاجتماع بأننا نكون انطباعات عن الآخر خلال الثوان العشر الأولى من لقائه والتي تدوم لوقت طويل، فهكذا انطباع القارئ عن الشخصية الروائية، مما يؤكد ضرورة رعاية الروائي وتدقيقه عن المعلومات الأولى المعطاة في رحاب الظهور الأول لكل شخصية في الرواية.