ضمن فعالياته السردية أقام نادي السرد جلسة نقدية لتجربة الروائي والمسرحي خليفة العريفي، في روايتيه التين صدرتا مؤخرا وهما رائحة القميص وجمرة الروح بمقر أسرة الأدباء والكتاب الكائن بالزنج في البحرين.
وقدم كل من القراءتين رسول درويش وزكريا رضي حيث تناول رسول التجربتين الروائيتين مع التركيز على رواية رائحة القميص وبحثها من جهة (المرجعية اللغوية) وبدأها رسول بتعريف المرجعية بأنها كيانات ثقافية تمنح الخطابَ (المتن الأدبي) انتسابه إلى معرفة يوظفها ويتكئ عليها خدمة لإيصال مدلولاته وما يرمي إليه، ثم تمتد هذه المرجعيات الثقافية cultural references بين السارد والمتلقي عبر المتن؛ لكي ينتج عملًا إبداعيًا.
واصفا رواية رائحة القميص بأنها حقلً جميلً للمجاز الفني، وقد قسم رسول المرجعية اللغوية في رائحة القميص إلى تراكيب مجازية وبحث فيها الغزارة اللغوية في الرواية واستعمال المجازات في النص الروائي من قبيل مد رقبته فوجد المكان ينام في الظلام وما تضمنته من استعارة الظلام بدلا عن النائم لتوحي بأن المكان كله غارق في الظلام وكذلك قول الروائي (فما زال الليل طفلا) حيث تشبيه الليل بالإنسان في مراحله العمرية، أما التراكيب العجائبية فقد عرفها رسول بأنها ذلك الأدب الذي يتضمن الخروج عن المألوف والقفز إلى ما فوق الطبيعي بتجاوزه للواقع والتفافه حول الفانتازيا، والنص العجيب يتقبله القارئ رغم خرقه للمنطق وقفزه فوق القوانين متسائلا ما إذا كان العريفي وفق في توظيف ألعجائبي في رواية رائحة القميص مستدلا على ذلك بحوارات مقتبسة على ألسنة الشخصيات.
في الحس المسرحي ناقش رسول مدى تأثر التجربة الروائية لدى خليفة بالثقافة المسرحية والعرض المسرحي ووقف عند الحوار الذي يرسمه المؤلف على لسان شخصياته وتستمع إليه الشخصيات فيما بينها، ومنها حوار المناجاة الأحادي، والحوار الجانبي الذي تلقيه إحدى الشخصيات وتوجهه مباشرة للجمهور، وكذلك حوار الراوي أو المؤلف الموجه للجمهور دون أي تفاعل مع شخصياته، وكأنه عنصرٌ خارجي أما في لإيحاءات والاسقاطات فقد انطلق رسول من مدرسة عالم النفس سيغموند فرويد حيلة لا شعورية من حيل دفاع الأنا، فينسب فيها أفكارًا لغيره لأنها تؤلمه في ذاته، وربما يبحث في مجتمعه عن أمور مثالية يتمناها، أو سلبية يستعديها، ولكنه يتجنب الحديث فيها بصورة مباشرة لكيلا تُنسب إليه.
واختتم رسول قراءته حول رائحة القميص ببحث التأويل والدلالة والخاصية الجمالية ، ففي التأويل أشار رسول إلى أنه لا يكاد يخلو نصٌ أدبي من محاولات القراء المتكررة للـتأويل، فإذا كانت فكرة الرواية متكاملة يتقبلها الجميع بلا جدال، فهي فكرة ميتة ولذلك فالتأويل هو جزءٌ ومكون مهم من النص الأدبي.
أما حول رواية جمرة الروح فقد أوجز رسول ملاحظاته على الرواية في نقاط مبتسرة واصفا اللغة فيها بأنها لغة متواضعة على عكس رواية رائحة القميص وانها سرد حكائي يتضمن مجموعة حكايات لم تكن مترابطة أحيانا فيما بينها.
المصدر: وكالة الأنباء البحرينية