في رواية “ظل الغريب” للروائي المغربي أحمد المديني، الصادرة عن المركز الثقافي العربي، تتداخل السيرة الذاتية مع التاريخ، حيث ترصد الرواية مسار حياة شخصية علي بن زروال وهو أستاذ التعليم الثانوي من مدينة الدار البيضاء، يجيء الجزائر العاصمة في إطار عقد مع وزارة التربية الوطنية الجزائرية لتدريس مادة التاريخ والجغرافيا بثانوية الأمير عبدالقادر بمدينة الجزائر العاصمة.
وتبدو رواية “ظل الغريب” نصا في تفكيك العقلية الريفية والأيديولوجيا الذكورية المهيمنة على مدينة الجزائر المستقلة، نكتشف ذلك من خلال علاقة البطل بالمرأة، فعلى الرغم من مظاهر التقدم والعصرنة إلا أن الجزائري يبدو طهرانيا وريفيا ومحافظا في علاقته بالمرأة، فهي تبدو في حمايته وتحت عينه ورقابته الأخلاقية الأبوية وكأنها في سن غير راشدة مستمرة، والمدينة بماخورها تبدو غارقة في أخلاق كاذبة.
والرواية تمثل مقاربة ذكية ودقيقة لطوبوغرافيا مدينة الجزائر العاصمة، حيث يعرض الكاتب وبشكل دقيق وحساس مفاصل المدينة في عمرانها، وذلك من خلال حركة البطل وتجواله في أحياء العاصمة، وتذكرني رواية الغريب في هذه المقاربة الطوبوغرافية برواية “أعالي المدينة” لإيمانويل روبلس والتي نشرها العام 1948 وحصلت على جائزة فيمينا، وتجري أحداث رواية روبلس كما رواية أحمد المديني في حي تليملي بالعاصمة، وأعتقد أن لا أحد من الكتاب العرب أو المغاربيين كتب عن العاصمة من الداخل كما كتبها أحمد المديني في “ظل الغريب”.
ومن خلال تفاصيل روائية يستعيد أحمد المديني تاريخ الأمير عبدالقادر وما قدمه المغرب شعبا للثورة الجزائرية وكيف أنه احتضن الثوار في المدن والقرى المغربية وأن أب البطل علي بن زروال نفسه كان واحدا من الذين استقبلوا الثوار الجزائريين في بيته بالدار البيضاء. وتعود رواية “ظل الغريب” وبكثير من التدقيق والتأريخ لما كانت عليه الجزائر العاصمة من حياة ثقافية وسياسية ويأتي الروائي على ذكر كثير من الأسماء التي كانت تنشط الساحة الثقافية والفكرية الجزائرية القادمة من المشرق أو من أوروبا، ومن الأسماء التي يتحدث عنها في الرواية: لطفي الخولي، الباهي حرمة، محمد علي الهواري، محمد عزيز الحبابي، الفقيه البصري.
المصدر: صحيفة العرب