قال الأديب صبحي فحماوي إن روايته «الحب في زمن العولمة» عمل مدهش يقاوم جشع الرأسمالية، بينما تضع روايته «حرمتان ومحرم» تعريفاً للأجناس الأدبية: «إذا كانت الأقصوصة وردة، فإن القصة باقة زهور، والرواية حديقة غناء، وإذا كانت الأقصوصة طلقة فالقصة اشتباك مسلح والرواية معركة مترامية الأطراف»… وفيما يلي التفاصيل:
ويضيف: الرواية ترسم قصة اختلاق المليارديرات من الصفر، وتجميع ملياراتهم من بطون الفقراء، جاءت بطريقة سرد قصص حب عولمية، وحروب اقتصادية، ونكد، وجنس وتزوير وتهريب، ومقاومة لكل هذا الجشع الرأسمالي. وهي توضح أنه لا انتماء عند ملياردير عربي أو أجنبي إلا للدولار.
ويقول فحماوي: أصل قراءاتي ومشاهداتي مسرحية، لكن انهيار المسرح لحساب المسلسلات التلفزيونية التجارية الهابطة جعلني أتحوَّل إلى القصة والرواية، ثم إن القضية المطروحة تحدد شكل الفن الأدبي، ولقد كتبت في روايتي “حرمتان ومحرم”: “إذا كانت الأقصوصة وردة، فإن القصة باقة زهور، والرواية حديقة غناء.. وإذا كانت الأقصوصة طلقة فإن القصة اشتباك مسلح، والرواية معركة مترامية الأطراف”.
وعن رفضه مصطلح “بطل الرواية” واستبداله بـ”الشخصية الرئيسة”، يقول: كلمة “البطل” تعني الشخص العظيم، والمخلِّص، مثل البطل هانيبعل، البطل صلاح الدين الأيوبي… البطل “البوعزيزي” الذي هاجم الموت، ليصنع الحياة لشعبه، ولكن الرواية جاءت لتنفض الغبار عن قضية ما، أو قصة ما، وتكشف المخفي الأعظم، ولهذا لم يعد أبطال في عصر الصورة، إذ إن اليابانيين كانوا يعبدون الإمبراطور، بصفته البطل المخفي في أذهانهم، وعندما شاهدوه في التلفزيون، وفي الشارع، توقفوا عن عبادته، ولم يعد بطلاً في أذهانهم. لم يعد هناك بطل، وصار الروائي يقدم رئيس إمبراطورية تغطي الشمس والفضاء، لا ليمجده، ويُشعر القارئ أنه بطل، ولكن ليمسخره، ويكشف عيوبه. قد يصبح الإنسان الآلي هو البطل!
ويقول عن الاتهام بتراجع دور النقد العربي: كان النقد الأدبي في أوجه في الستينيات، ينقد، ليميز الغث من السمين، واليوم صار النقد مجرد سرد لأحداث القصة، وتمجيد للكاتب الصديق، وتجاهل للكاتب الناشط في منطقة أخرى، حتى لو كان مبدعا.
فهو يأتي لتمجيد أحد زملاء الشلة، ويتجاهل أدب الآخرين، ثم إن النقاد الواقعيين المبدعين لم يعودوا يكتبون حالياً، لأن الكتابة لديهم تعليم وتوجيه، إضافة إلى أنها مصدر رزق، ففضل بعضهم حتى لو كان يعمل على سيارة أجرة في وقت فراغه، على أن يكتب نقداً ربما لا يقبله الناشر، وحتى لو قبله فإنه لا يدفع له، فمن أين سيعيش؟! ولهذا تراجع دوره وهزل.
وقال أن الآفة التي تسيطر على الوضع الثقافي العربي، هي تجفيف منابع الدعم الحكومي للأدب، ووضع الرجل غير المناسب في المركز الثقافي الهام، واختيار ترجمة الكتب الأجنبية الرخيصة بلغة مكسرة، وترك الأدب ينمو مترمماً على الأرصفة، يلوكه الغبار، وإعطاء الجوائز للحلفاء، ولا أقول للأصدقاء، لأن الصديق من الصدق… ولا صدق في هذا النقد المرتبط بمصلحة شخصية، سواء عند الكاتب الحليف، أو لدى الجهة الممولة للجائزة، والتي تريد هي تفصيل أبطال للرواية العربية على مقاسها، بتوجيه من رأس المال المتوحش المتخفي، فترسخ لمصلحتها توظيف “نقاد السلطان”.
المصدر: صحيفة الجريدة الكويتية