صدر حديثًا عن دار “الآن ناشرون وموزعون” رواية “لعنة وشم” للكاتب الإريتري٬ منصور حامد٬ والتي تعيدنا لأجواء روايات الطيب صالح وأسرار المجتمعات العربية في إفريقيا وقضايا الناس وأوجاعهم وجوعهم وعاداتهم وعلاقاتهم وصراعاتهم.
والرواية التي تقع في 185 صفحة من القطع المتوسط هي رواية الحب والحرب والخيانة ورواية المنفى والمقاومة وتجربة الثورة التي تأكل أبناءها.
تحكي الرواية التي تقع أحداثها بين أرتيريا والسودان في ثمانية فصول عن مواجهة الإنسان الإفريقي للمستعمر الأجنبي الذي ينتهك الأرض ويسيطر على مقدراتها وثرواتها ويطرد أصحابها منها ليعيشون في المنفى.
وتتناول الرواية الحياة اليومية للاجئين وبؤسهم ومعاناتهم اليومية، وتبدأ بالولادة والموت كواقعتين تقترنان بالحدث، حيث تضع “محرت” ابنها “سايمون” الذي يولد وهو يحمل على وجهه وشما يشبه شارة الصليب، وتفقد الأم حياتها عند الولادة بعد نبؤة سمعتها من القس بأن الطفل سيكون له شأنا.
ويترك الوالد الذي يعمل سائقا لشاحنة ابنه المسيحي عند عائلة مسلمة، وتهتم به كون تلك العائلة محرومة من الأطفال، وخلال ذلك ينبغ في التعليم، ويتعرف على فتاة اسمها “زينب”، تجبَر على الزواج من قريب لها ثري.
ويلتحق “سايمون” بالثوار، حيث يتعرض القائد للإصابة التي يلفظ بسببها أنفاسه، فيضطر مساعد القائد أن يوهم الثوار أن “سايمون” هو القائد ولم يصب بأذى للمحافظة على معنوياتهم.
ويخوض الثوار معركة التحرير بقيادة “سايمون” الذي يُصاب في المعركة ويدخل المستشفى الذي تعمل فيه “زينب” بعد انفكاكها من زوجها الثري، ويلتقيان بكل لهفة الغياب.
وتنتقل الثورة إلى الدولة التي تختار “سايمون” رئيسا لها، وتذهب “زينب” للقائه، إلا أنه يقابلها بتكبّر وفتور، فتكشف أنها حامل منه، وتغادر المكان ويأتيها المخاض لتضع مولودها وتفارق الحياة.
وكما يقول الشاعر سعدي يوسف “الخائن يبدأ بالمرأة” فقد ذهب الروائي لتصوير تلك المناخات الانتهازية التي تعاني منها الثورات التحررية التي يتحول فيها الضحية إل جلاد.
ويصور خلال ذلك الطقوس التي تعيشها المجتمعات الإفريقية من خرافات وحكايات وأساطير مدهشة تثير القارئ بأجوائها الغرائبية الساحرة.
وأثرى الروائي سروده بتنويع النصوص والاقتباسات من الحكايات والأمثال والمفردات المحلية والقصائد والأغاني والطقوس ومنها الزار وعادات الزواج التي خدمت النص الروائي.
وتغلّفت لغة الرواية بظلال الحكايات التي فرضت حساسيتها الطازجة للمرويّ الإفريقي بكل ما يحمل من تراث غني ومخيال ساحر، فقد ضمن الروائي النصوص بعدد من المفردات المحلية التي تحمل جزءًا من متداول الحياة اليومية في السودان وأرتيريا التي تعود بأصولها إلى العربية الفصيحة.
ومن مناخات الرواية “نشأ سايمون بكنف وبرعاية خديجة زوجة هاشم، رعته بدلالها وعطفها وحنانها، أعطته كل ما تملك ولم تستبقِ شيئا، وجدت فيه التعويض عن حرمانها من الإنجاب ونعمة الخلفة…وكثيرا ما كان سايمون وصديقه عثمان يترددون مع بقية أطفال الحي لحضور حفلات الزار الحبشي”.
المصدر: صحيفة الدستور المصرية