عن دار شهريار للنشر وللتوزيع صدرت في كل من بيروت والبصرة مجموعة القصص القصيرة “جدًّا “طائر يشبه السمكة” للرّوائي والقاصّ العراقي محمّد حيّاوي في طبعتها الأولى 2018، وتتكون من قسمين، اختار الكاتب للقسم الأوّل، الذي يتضمّن ثلاثا وثلاثين أقصوصة عنوانا “سعادة الفتى الجريء” واختار للجزء الثّاني الذي يتضمّن ستّ عشرة قصّة عنوانا “لا تخبروا أنجلينا أنّني ميّتة”.
قصص قصيرة جدّا، تتميّز في جزئها الأوّل بمرارة السّخرية وتنساب على ألسنة الأحياء والأموات على السّواء، مشاهد من مسرحية الحياة تختار في كلّ مرّة أبطالها، تتسلل بينهم وتلتقط لحظات المفارقة في السلوك أو في الأقوال ثمّ ترسم على وجه المتلقّي دهشة النهاية وانكشاف القفا. الذي كانت تحجبه الظلال.
وفى محمّد حيّاوي لتقنيات القصّة القصيرة جدّا من حيث البنية السرديّة ومن حيث كمّ الكلمات في كلّ منها ومن حيث مخاتلة الخاتمة. خاتمة تراوحت بين القتامة والمرح. فحملت دمعة في موضع وبسمة في موضع آخر. يقول في قصّة “حرب”:
“كان عريفا يقود ثلّة من الجنود المستجدّين. ذات مساء، جاء العقيد وأخبرهم بضرورة ارتداء الأقنعة عندما يقصفهم العدوّ بالأسلحة الكيمياويّة. وعندما سأله: كيف سنعرف ذلك يا سيّدي؟ أجابه العقيد: رائحته تشبه رائحة التفاح. وحين غادر العقيد، سأله أحد الجنود: كيف تكون رائحة التفاح عريفي؟ كان جنديّا ريفيّا لم يعرف طعم التفاح أو رائحته بسبب الحصار. وحين قصفهم العدوّ بالأسلحة الكيمياويّة، لم يدرك أنّ الرّائحة زكيّة إلى هذا الحدّ. أقصد أزكى من أن تكون قاتلة! فمات مبتسما”.
ويقول في قصّة “بحر”: “على ساحل المتوسّط، أطلقت حبيبته شعرها للرّيح فانتشر عطرها من حوله مثل الزنابير، وعندما جلست على صخرة وانزاح ثوبها عن ساقيها الطويلتين، طلب منها أن تمدّ بصرها بعيدا، ففعلت، ثمّ طلب منها أن تمدّهم أبعد وأبعد ففعلت، ثمّ سألها فيما إذا كانت ترى البندقيّة في الجانب الآخر من البحر كما في المرّة السّابقة. استغربت سؤاله وقالت: لم تطلب منّي ذلك في المرّة السّابقة! لا يدري في الحقيقة! ربّما طلبه من امرأة أخرى، فالبحر كبير جدّا والمدن تتناثر حوله كاللآلئ، والنساء كذلك”.
المصدر: ميدل إيست أون لاين