في عالم اليوم المليء بأخبار الحروب والقتل والصراعات والموت الذي يترصّد الناس في كل مكان كيف يمكن أن نهرب من المواجهة؟ أين تكمن المشكلة حقًا؟ هل هي في أننا نعيش في المكان الخطأ مثلاً، أم أن الزمن كله أصبح محكومًا عليه بالموت، ويسير خطاه حثيثًا نحو الفناء؟! ماذا يمكن للكاتب والأديب أن يرصد بعد ذلك؟!
تصبغ حكايات المآسي والمصائب صبغتها الخاصة والقاتمة على عدد كبير من الأعمال الأدبية الروائية حديثًا لا سيما بالتزامن مع أحداث ما كان يطلق عليه الربيع العربي، ولم يبق على الكتّاب إلا أن تتنوع رؤاهم وتختلف ما بين راصدٍ للأحداث متوقفٍ عندها كنوع من التوثيق، وما بين مستشرفٍ لمستقبلٍ أكثر سوداوية وقتامة.
بين هذا وذاك وعلى الخط الفاصل بين الشرق والغرب يقف الروائي شادي لويس في روايته الجديدة «على خط جرينتش» الصادرة، مؤخرًا، عن دار العين، يقف ليرصد ويتأمّل ذلك الموت الذي يحيط بنا من كل جانب، ومن خلال بطل روايته الشاب السوري «غياث» الذي سرعان ما يتحوّل إلى جثّة يقودنا الكاتب إلى عدد من القصص والحكايات المصرية والعربية التي تنتهي كلها إلى الموت، وتبقى لندن شاهدة ثابتة على تلك الأحداث، بمقابر باردة معدة خصيصًا لهؤلاء المساكين الذين ماتوا وحيدين في الغربة!
تطرح الرواية منذ سطورها الأولى فكرة العنصرية ضد الآخر المختلف، وترصد أبعاد وجودها في المجتمع المصري بدايةً، ومنها ينتقل الكاتب بسلاسة وذكاء إلى الموقف الحالي الذي يتورط فيه بطل روايته، والذي يتابع من خلاله رصد ورؤية تجليات تلك العنصرية في عالم اليوم، رغم كل ما يحيط به من تقدم ورفاهية واهتمام ظاهري بحقوق الإنسان .. ولكن أي إنسان؟
المصدر: موقع إضاءات