تخطي التنقل

لقد تم غلق باب الترشح للدورة الحادية عشرة.

«فرح الفراشة بين جرزيم وعيبال».. رواية واقعية تطلق العنان للخيال الملحق

«فرح الفراشة بين جرزيم وعيبال».. رواية واقعية تطلق العنان للخيال الملحق

“فرح الفراشة بين جرزيم وعيبال” رواية عربية تغاير كل ما سبقها من روايات تقليدية، رواية لا تقوم على بداية وعقدة ونهاية، بل هي رواية الإمتاع والمؤانسة، والنقد السياسي والحمولة الفكرية الراقية، والجديد فيها أنها تتألف من كشكول يجمع كل لطيف وظريف وطريف ومدهش وجميل وساحر وغريب وضائع ومنسي في حياتنا المعاصرة وفي تراثنا أيضا.

إنها رواية واقعية بامتياز، ولكنها تطلق العنان للخيال المحلق، ليستحضر الروائي من خلالها الجن، وليدخل في باب المستحيلات والممنوعات والأساطير والخرافات، بل ويتوقف لدى فتح البخت وتفسير الأحلام، وحتى دعوات الأمهات يوردها، وقد جاء فيها: “روح إلهي العين ترقعك، وعلى الأرض تلطعك، وتفتتفك وما تجمعك، وتنادي وما حدا يسمعك، روح، إلهي توكل جنابك الفرشات، ويحاكموك عشر خوجات، ما يفهموا شو ما لك، وما يعرفوا جوابك من سؤالك، وما يلقوا إلك دوا، وتظلك تتوجع وما يسمع صوتك غير الهوا! إلهي يخطفك عزرائيل، ويكبسك في البرميل، ويحطوك في جورة أولها شبر وآخرها شبر، وتظلك بعد يوم القيامة في القبر، مع حية بسبع روس، ونار زرقا أحمى من نار المجوس”.

ورغم أن ثلاثة أرباع ما في الرواية من أحداث ترتبط بشخصية وسيرة مبدعها الدكتور محمد حسين السماعنة، إلا أن ثقافته الموسوعية، ومطالعته لأجمل ما في تراثنا، جعلته ينسى نفسه، ويتقمّص شخصية بديع الزمان الهمذاني في مقاماته، ويقول ما لم يقله، ومن ذلك قوله: “الباص الذي حملني من الزرقاء إلى عمان، ومشى على صوت: اقصد، قضى يوما أو نصف يوم في الطريق، حتى إنني دفعت للكنترول الأجرة مرتين؛ فقد غفوت وصحوت، ثم غفوت ثم صحوت على صوته وهو يلم الأجرة في ماركا، فدفعت مرة أخرى”.

د.السماعنة، الذي مزج في روايته بين اللعب والجد، وبين أدب الكبار وأدب الأطفال، وبين اللغة العربية الفصيحة واللهجة العامية، بين الأدب الساخر والرواية السيكولوجية، بين النص الأدبي والتراث الشعبي بكل ما فيه من أغان وزغاريد وأمثال وحكم وحكايات، الدكتور السماعنة نفسه، ألف روايته من عناصر متنوعة متغايرة، ومنها قصة داخل قصة، وحكاية داخل حكاية، الأمر الذي يذكرنا بروايات ومسرحيات إميل حبيبي، وألف ليلة وليلة، مع التأكيد على أن السماعنة لم يقتبس منهما أو يتأثر فيهما، ولكنه شاركهما في محاولات التغيير والتجديد عبر إدخال مواد تراثية قد تبدو غريبة على السرد الروائي التقليدي، وجعلها عناصر أساسية، ولكنها ممزوجة بتعليقات جانبية، تفصيلات ثانوية، واستخلاصات للعبر والتجارب، قدمها للقراء على طبق من أدب ملتزم بأرق الجماهير، وأفراح وأتراح القاعدة الشعبية.

المصدر: ميدل إيست أون لاين


أضف تعليق