يقول الروائي الدكتور “محمد إبراهيم طه” في اعتقادي أن شكل الكتابة الروائية سيتغير بعد كورونا، بعد أن رأى الروائيون جسيما صغيرا استطاع أن يهاجم العالم أجمع بلا تفرقة بين كبير وصغير، ولا ذكر وأنثى ولا غفير ووزير، فأجبر مليارات البشر على الانسحاب والاختباء بالبيوت وترك الشوارع أمامه فارغة يمرح فيها، حظر التجول واستدعت الجيوش وتوقفت حركة الطيران والسياحة ونقل البشر لا في دولة واحدة بل في كل الدول، وليس تدريجيا بل مرة واحدة، تغير وجه الكرة الأرضية، فهل تتغير الرواية؟
علينا كروائيين أن نعترف أنه لا حدث رياضي ولا سياسي ولا اقتصادي استحوذ على اهتمام العالم أجمع كما حدث مع فيروس كورونا الذي يهدد البشرية بالفناء، حتى القنبلة النووية حين ضربت اليابان، لم يجلس مليارات البشر هكذا لتتبع أخبارها.
تابع “طه” مضيفا: وعلينا كبشر أن نعترف بضعفنا ونعيد النظر في قوتنا المزعومة وفي ضعف الفيروس وشراسته، ومراجعة كل الثوابت في وجود الإنسان وعلاقته بالطبيعة والكون والوجود، فنحن أمام رواية كابوسية ومثيرة وحافلة، وغريبة، ومن رأى ليس كمن سمع، وعلى كثرة الكوارث والأوبئة لم يحدث أن كتبت رواية كاملة، كان الهدف منها التأريخ لوباء، أو وصف ملابساته أو تقديم تقرير عنه، لا أدري لماذا؟ هل لأن ذلك مهمة التاريخ؟ فقط روايتا “الطاعون” للفرنسي ألبير كامو و”اليوم السادس” للفرنسية من أصول مصرية أندريه شديد هما الروايتان اللتان كتبتا بشكل كامل عن الطاعون والكوليرا، فجاءت “اليوم السادس” كلها عن الجائحة الأخيرة للكوليرا 1947، وكتبت الرواية سنة 1960 لتكون أجواء الجائحة هي موضوع هذه الرواية، وليكون اليوم السادس الذي لو مر على مريض الكوليرا وهو حي ومتوفر له الإسعافات الصحية، فإنه سينجو، ولذلك تتعلق الآمال على اليوم السادس، ويظل الإنسان منتظرا بين اليأس والرجاء مصيره المحتوم.
عدا هاتين الروايتين، لا أذكر أن كاتبا تطرق بمثل هذا التفصيل والرصد للأعراض والإجراءات الوقائية والصحية وسلوك البشر تجاه هذه الجوائح (الكوليرا والطاعون)، الغريب أن الكاتبان فرنسيان، ومن أصول عربية وأفريقية، ومع قراءتي لمعظم الروايات العربية، لم أجد كاتبا عربيا يفرد في روايته مساحة مماثلة لهذه الأوبئة، أو يجعل منها حتى خلفية لعمل روائي، أو لقطة في قصة قصيرة، أو موضوعا فلسفيا للتأمل، أو يقدم قراءة وجودية وتأملية للإنسان في مجابهة الكوارث والأوبئة على غرار ما ورد في الروايتين الفرنسيتين، وما ورد على استحياء من ذكر الكوليرا في “الأيام” لطه حسين، وقصيدة نازك الملائكة الشهيرة، أو كإشارة في الحرافيش لنجيب محفوظ يعد مثيرا للتأمل، ولا أعرف سببا لعزوف الروائيين العرب عن ذلك.
المصدر: صحيفة الدستور المصرية
أسماء محمد العبيدي اليمن
إن ما قاله الروائي الكبير (محمد ابراهيم طه) يشرح لنا مدى اخفاق الروائين العرب عن حل المشكلات. ناهيك عن بقية المواضيع.
وأنا شخصياككاتبة متواضعة، أرى أن على الكتاب العرب التركيز في رواياتهم واعادة النظر في الفكرة قبل كتابة الرواية.
تحياتي.