في قراءته لرواية “جنّة الشهبندر” الصادرة حديثاً للروائي هاشم غرايبة، وتقع في مائتي صفحة من الحجم الوسط، وهي الرواية الثامنة في مدونته الإبداعية، أكد الشاعر مهدي نصير في الندوة التي نظمها منتدى الفكر الاشتراكي في مدينة إربد الأردنية، وشارك فيها إلى جانب الروائي غرايبة، أن جملة من الأفكار ازدحمت في رأسه بعد أن أكمل قراءة الرواية، الرواية الثرية التي تحتاج لأكثر من قراءة لامتلاك القدرة للحديث عنها.
ولخص نصير في الندوة التي أدار مفرداتها حسين أبو راس عضو المنتدى، هذه الأفكار في ورقته التي جاءت تحت عنوان قراءة أولية في رواية “جنّة الشهبندر”، في جملة من النقاط، أهمها، أن الرواية هي رحلةٌ للعالم الآخر كرحلة المعري في رسالة الغفران ورحلة دانتي في كوميدياه الإلهية، حيث تضمنت الرحلة في الرواية قدراً كبيراً من النقد للخطاب الديني المتوارث والسائد، منوهاً أن النار والجحيم اختفت من رحلة “جنَّة الشهبندر” فيما حضرت الجنةُ والبرزخ.
وأضاف أن صوت الراوي العارف أيضاً اختفى في الرواية، وبرزت أصوات رواةٍ متعدِّدين هم شخصيات الرواية كالشهبندر وابن عربي وندى ولوليتا وحياة وسمية، إلى ذلك حضرت شخصياتٌ تاريخيةٌ ذاتُ حضورٍ فكريٍّ وفلسفيٍّ وثقافيٍّ في ثنايا الرواية وكان حضورها يجسِّد حواراً ثقافياً تاريخياً بين مكوِّنات الثقافة العربية ومدارسها, فحضر العقل البرهاني ممثلاً بابن رشد وابن ميمون وحضر العقل التجريبي – عقل الأحوال بلغة ابن عربي – ممثلاً بجابر بن حيان, وحضر العقل العرفاني بغزارة ممثلاً بدليل الرحلة والأكثر حضوراً وسرداً فيها الشيخ الأكبر محي الدين بن عربي وحضرت رابعة العدوية والتبريزي والنفَّري وجلال الدين الرومي, وحضرت الثقافة والموسيقى والتحضُّر ممثلة بزرياب واسحق الموصلي, وحضرت شخصيات عمَّانية معاصرة كعرار والشهبندر وعمدة عمان وسمية وندى وترفة، لافتاً النظر إلى أن حضور التاريخ الثقافي بحضور شخصيات معاصرة هو محاولةٌ لقراءة مكوِّنات هذه الثقافة ومدارسها المختلفة مع ملاحظة عدم حضور العقل السلفي في هذه الرحلة وكأنه العقل المسكوت عنه.
وأشار إلى أن الرواية تنحاز للعقل العرفاني كمخيال يتعامل مع الكشف والكليّات الذهنية، وأنَّ كثيراً من المخيال العرفاني كان كشفاً لعلومٍ قادمةٍ كما تبين ذلك من خلال حديقة الأسرار والتي هي تسمية من تسميات الشيخ الأكبر الذي يسمِّي العلوم العرفانية بعلوم الأسرار.
واعتبر أن الرواية تقول إن مستقبل العقل والثقافة يكمن في العقل العلمي التجريبي في امتزاجه بالتاريخ والحياة اليومية، وكأن هذه الفكرة جوهريةٌ في طرح الرواية.
المصدر: جريدة الرأي الأردنية