صدر مؤخرا الرواية الرابعة للكاتب محمود شاكر، تحت عنوان «منيرة من النزهة» والصادرة عن «نوفابلس» للنشر والتوزيع 2014 (طبعة أولى).
يتناول الكاتب في الرواية الحياة المضطربة لشخصيتها الرئيسة: منيرة، بروفيسورة في قسم الأحياء بجامعة الكويت، وزوجة لرجل مسيحي من أصل لبناني، مولعة بقصائد الشاعر الكويتي فهد العسكر وبأغاني المطرب الأميركي جوني كاش التي صارت بالنسبة إليها «دعوة للبكاء»، امرأة باردة ومدخنة «تختزل تشتت المرء في الزمن الحاضر»، كما جاء في تقديم فيصل الحبيني (الذي للمفارقة أصدر كتاباً منعته الرقابة في العام نفسه).
من الفصول الأولى للرواية، يبدو سرد منيرة فاقداً المصداقية، يتنقل بين صيغتي متكلم وغائب، كسرد «أوسكار» غونتر غراس في «طبل الصفيح»، الذي يبدأ حكايته بإخبارنا أنه نزيل مصحة عقلية، ليضع كل ما يأتي من بعد في موضع الشك، تخبرنا منيرة ضمنيا، بأنها تعاني كوابيس مستمرة وإدراكا مشوشا، وأنها حين تدير أغنيات جوني كاش في مشغل القرص المدمج بسيارتها فإنها، في الوقت ذاته، لا تكون تستمع له إلا عبر الإذاعة المحلية التي تبث وصلة من أعماله.
تعتمد «منيرة من النزهة» على أربع شخصيات أساسية تحرك الحدث: الزوج، والشاب سالم الذي يعاود الظهور عند كرسي حديقة العديلية، وطبيبتها د. حنان، وأختها الصغرى الشاعرة نجلاء، ولكنها كرواية نفسية في المقام الأول، فعمودها الفقري هو مونولوج منيرة الداخلي، وذكرياتها التي – برغم تشوشها – ترتبط بالأماكن برابطة حميمة كمنتزه الخيران ودوار قصر دسمان، و«الأميري» ومطافي الهلالي في شرق وفندق الشيراتون.
تتناول الرواية، من دون تعمق، وفي أجواء من الإثارة والغموض قضايا المرأة، والزواج من ديانة أخرى، وسجن النساء وذلك بوضعها في بوتقة درامية تتمحور حول موضوعها الرئيس: المرض العقلي. يتوغل السرد في خوالج منيرة المريضة ليُري القارئ بعينيها تداخل الحقيقة بالوهم، تشوه المكان، اضطراب الزمن واختلال إدراكه، حتى يبدو الواقع فانتازياً يشبه عالم «أليس» العجيب، حيث تأخذ الأشكال والمسافات فيه أبعاداً لا معقولة، و«أليس» هنا هي المفتاح الذي تعثر عليه د. حنان أخيراً.
تشير الرواية في أكثر من موضع إلى الانهيار العصبي الذي تعرضت له المطربة الأميركية برتني سبيرز في 2007، وإلى عالم أوز في رواية «ساحر أوز العجيب» الذي يشبه إلى حدٍّ ما العالم الذي تدخله «أليس» عبر جحر الأرنب، الكائن الأليف الحاضر أيضاً بعدة لمحات في رواية شاكر، منها مشهد تدعوها فيه زميلتها بهيئة التدريس إلى إلقاء نظرة على قفص أرانب تستخدم للتشريح في قسم الأحياء.
يشار إلى أن محمود شاكر محمود، روائي كويتي نال درجة البكالوريوس متخصصاً بالإعلام من جامعة الكويت، صدر له: «شمة في مهمة» (2010)، «أنا أموت» (2012)، «الغيمة التاسعة» (2013)، وله رواية مرتقبة بعنوان: الحُفرة.
المصدر: صحيفة الجريدة الكويتية