صدر حديثاً للروائي الفلسطيني د.عاطف سلامة رواية جديدة تحت عنوان “ندبة المرايا” عن دار موزاييك للدراسات والنشر والتوزيع في إسطنبول، ويتوزع السرد فيها على عدة شخصيات، من دون أن يلغي ذلك وجود شخصية محورية تستحوذ على الحيز الأكبر منها، وينتمي أبطال الرواية إلى الفترة الزمنية الواقعة بين انتفاضة 1987 وحتى وقتنا الحالي.
تجري أحداثها الأساسية في مدينة غزة الفلسطينية، ويتوزع السرد على ثلاث حقب رئيسية، وهي فترة إنتفاضة 1987 حتى توقيع اتفاق أوسلو 1993 وتسلم السلطة الفلسطينية ادارة الشأن الفلسطيني في الضفة والقطاع، وصولا إلى الانقلاب العسكري 2007 التي قامت به حركة حماس وتسلمت زمام الادارة في قطاع غزة، وما بينها من أحداث وتحولات.
يتقاسم أحداث الرواية عدة أبطال وشخصيات، إلا أن القصة الرئيسية تبقى قصة بطل رئيسي للرواية، هو خالد “الصقر”، الذي يسرد سيرة الحقب الثلاث من سجنه، إنطلاقاً من معايشته لجميع الأحداث والتي لعب فيها دوراً مهماً، لا سيما شخصية الوغد المتسلط الذي لا تأخذه رحمة، سواء بالتهريب أو تلقي الرشاوي، أو حتى بتعذيب ضحاياه وصولاً للقتل.
كما تتناول الرواية الوقائع والأحداث التي مرت خلال الفترة الزمنية المذكورة بجرأة عالية، حيث أن الكاتب هنا وعلى غير العادة، فهو لم يسلط الضوء على ما هو وردي، وإنما جسد الوجه الآخر لأصحاب النفوذ وعكس فسادهم واستغلالهم وسطوتهم وتحكمهم بالعباد من خلال استغلال المناصب وقوة السلاح.
وكذا، تكشف الرواية الألاعيب الساقطة التي كان يمارسها أولئك الذين كانوا من المفترض أن يكونوا حماة على أمن البلاد والعباد، وكيف يمكن أن يتحول ويتبدل ممثلو الحكومة تبعاً لمصالحهم وشهواتهم إنتقاما لتاريخ أسود يعود لأفعال الفرق الضاربة التي تأسست أبان انتفاضة 1987.
الرواية تحكي بسردية ممتعة حكايات ما تعانيه المجتمعات العربية، وتظهر قسوة التسلط والكذب والنفاق، يقول الدكتور عبد الوهاب الأزدي الاستاذ في جامعة محمد الخامس بالمملكة المغربية والناقد الفذ ذو الرؤية الثاقبة في مقالة تحت عنوان” مقص عاطف يهاب المرايا”، جسد خلالها رؤيته لرواية “ندبة المرايا” فحل لغزها وحللها وربط فك مقصها بتوقيع فك “المقص” في رسومات الكاريكاتير.. لتكتمل الصورة ويتضح المشهد، فقال: قرأت الرواية الجديدة “ندبة المرايا” للفنان والكاتب المسرحي الفلسطيني، الدكتور عاطف سلامة، فقد اشتهر عاطف في رسوماته الكاريكاتورية بتوقيع “المقص” الذي يؤدي أدوارا طلائعية في المجتمع والدولة لا تقل أهمية عن نكاية حنظلة في رسومات ناجي العلي.
لم يقنع مقص عاطف بالجداريات ولا بخشبات المسرح، فقد قطع الطريق نحو عالم الرواية، جاعلا من سارده ومن متواليات السرد في هذا العمل الإبداعي الممتع ندوبا تجترح المجتمع الفلسطيني جراء ممارسة السلطة والفساد واستهلاك الشارع للتسلط وللكذب والنفاق.
المصدر: صحيفة الزمان