أهم ما في المؤتمرات والندوات العربية أننا نلتقي معاً. بصرف النظر عن نتائج هذه اللقاءات. المهم أن تحدث اللقيا وأن نتشارك ونتحاور ويحدث لنا ما يكتب عنه كتاب القصة العاديون: نتجاذب أطراف الحديث. وهذا ما جرى لي في ملتقى الشارقة الثالث عشر للسرد. الذي عقد في الفترة من 18 – 20 ديسمبر الماضي. وكان موضوعه: الرواية العربية في المهجر. هناك قابلت من الأحبة عدداً كبيراً كنت في حاجة للتزود بهم في رحلة الحياة التي تمر هذه الأيام بمنعطف شديد الصعوبة.
أبدأ بصديقي الدكتور سعيد يقطين. ذاكرة الأدب والفن الشعبيين في الوطن العربي والأمة الإسلامية كلها. قضينا منذ سنوات عشرة أيام في اليمن. أصبحت الآن ذكرى من الذكريات القديمة. هو الذي ذكرني بها. وذكرنا باليوم الذي قضيناه مع شاعر اليمن الكبير عبد العزيز المقالح من أوله لآخره. والأحياء الشعبية في صنعاء، التي كان عبد العزيز المقالح دليلنا لزيارتها.
سعيد يقطين ماركة مسجلة. علامة على تخصصه. حصل على الدكتوراه في الآداب من جامعة محمد الخامس. رئيس قسم اللغة العربية – كلية الآداب. أستاذ التعليم العالي بكلية الآداب والعلوم الإنسانية. أستاذ زائر في عدة جامعات عربية. عضو في العديد من الهيئات والمنتديات الثقافية والأدبية. نال العديد من الجوائز والتكريمات الأدبية. شارك في عشرات الندوات والمؤتمرات داخل المغرب وخارجها. له أكثر من 20 إصداراً في الدراسات النقدية والأدب منها:
تحليل الخطاب الروائي. انفتاح النص الروائي. من النص إلى النص المترابط. الرواية والتراث السردي. السرد العربي: مفاهيم وتجليات. قضايا الرواية العربية الجديدة. السرديات والتحليل السردي.
حتى عندما كان يتكلم فإن كلامه كان ينطلق من خلال تخصصه الدقيق. ولم يستخدم أبداً وصف الرواية أو القصة. لكنه كان يفضل كلمة السرد. يحدد من خلالها النوع السردي عموماً. سواء كان رواية أم قصة.
المستشرقة الإيطالية الدكتورة إيزابيلا كاميرا. قابلتها من قبل في القاهرة أكثر من مرة. وفى روما. ويمكن القول أنها سفيرة الأدب العربي ليس لدى إيطاليا وحدها. ولكن لدى أوروبا بمجملها. ترجمت أعمالاً أدبية كثيرة إلى اللغة الإيطالية. ولكن المشروع توقف لوفاة صاحب دار النشر التي كانت تتبنى المشروع. وهكذا فيبدو «أن الحال من بعضه».
وإيزابيلا أهم من ذلك. ولكن من باب التعريف بها أقول إنها حصلت على دكتوراه في الأدب العربي. أستاذ كرسي للأدب العربي المعاصر – جامعة روما. عضو عدة لجان أكاديمية في جامعات أوروبية. ساهمت في العديد من المؤتمرات في الجامعات الأوروبية والعربية وشاركت في ندوات عن الأدب العربي. قامت بدور مهم للتعريف بالثقافة العربية في إيطاليا، وترجمت إلى الإيطالية روايات وقصصاً لكتاب عرب مرموقين. عضو في عدة مؤسسات ثقافية، ومنها جائزة الشارقة للثقافة العربية/ اليونسكو. حكَّمت في عدة جوائز أدبية.
ومن مؤلفاتها التي تشهد على عشقها الذي بلا حدود لنا ولثقافتنا: مائة عام عن الثقافة الفلسطينية. الأدب العربي المعاصر من عصر النهضة إلى اليوم. الأدب العربي في المغرب. الحضور العربي الإسلامي في المطبوعات الإيطالية. حركة الترجمة العربية في إيطاليا. والعمل الأخير يوشك أن يكون سرداً دقيقاً لكل ما صدر من المطابع الإيطالية مترجماً عن الأدب العربي. أو دراسات عن الأدب العربي.
لست في حاجة إلى الكلام عن إيطاليا وعلاقاتها بمصر منذ القرن التاسع عشر. بل يمكن القول إن العلاقة المصرية الإيطالية لعبت دوراً أساسياً في نهضة محمد على باشا. رغم أن كتب التاريخ تتحدث عن فرنسا باعتبارها صاحبة هذا الدور. ولكن إيطاليا كان لها دور يمكن وصفه بحجر الزاوية في نهضة مصر الحديثة. كما أن مصر في الخمسة أعوام الماضية كان لها حليف شديد الأهمية. هو الدولة الإيطالية.
فاكهة المؤتمر كانت نبيل سليمان. الروائي السوري القادم من الجحيم السوري إلينا مباشرة. والذي رفض رفضاً قاطعاً ترك سوريا كما فعل غيره من المثقفين السوريين الذين شدوا الرحال لعواصم الدنيا كلها. وتركوا بلادهم يحدث لها ما يحدث. ويجري لها ما يجري.
لكنه الذي لا تراه إلا مبتسماً عندما يتحدث في الجلسات. فإنه يبكينا. يتحدث عن الرقة وما يفعل بها الدواعش الآن. وعن القتلى والجرحى وأعدادهم تفوق أي رقم آخر. بل إننا عندما قابلنا الدكتور سلطان القاسمي. الذي ينادونه في الشارقة بالشيخ. وأعلن الشيخ سلطان عن تأسيس مؤسسة لرعاية الأدباء والكتاب في الوطن العربي. طلب الكلمة نبيل سليمان وتحدث عن حالات تدمي القلب بين المثقفين السوريين والأدباء السوريين. وقد رد عليه الشيخ سلطان فوراً بأن إمارته جاهزة للوقوف مع أي مثقف يعاني من كرب هذه الأيام.
ونبيل سليمان كما تقول أوراق المؤتمر حاصل على ليسانس لغة عربية. عضو في عدة اتحادات أدبية وثقافية. شارك في العديد من المؤتمرات والندوات الأدبية في الوطن العربي وخارجه.
وهو كاتب غزير الإنتاج. له أكثر من خمسين عملاً وغزارة الإنتاج نعمة من نعم الله على الإنسان. وقد يقابلها بعض المثقفين وما أكثرهم بالهجوم. وإن كانت مسألة مهمة للغاية. من مؤلفات نبيل سليمان: بنداج الطوفان. أطياف العرش. حجر السرائر. ليل العالم (رواية). النقد الأدبي في سوريا. أسئلة الواقعية والالتزام. حوارية الواقع والخطاب الروائي. الرواية والحرب. جماليات وشواغل روائية. الرواية العربية والمجتمع. غابة السرد الروائي (دراسة). مرآة الأحوال.
الدكتورة نادية الأزمي. حسبتها مصرية. واكتشفت ونحن نستعد للرحيل أنها من المغرب الشقيق. شاركت في جلسة التناص والذاكرة الجماعية في رواية المهجر. وكانت دراستها شديدة الأهمية. وقد وهبها الله القدرة على عرض ما جاءت به بشكل أكثر من جيد. والدكتورة نادية ناقدة وقاصة. تُحضِّر دكتوراه حول بنية السرد في الرحلة المغربية خلال القرن التاسع عشر الميلادي. أي أنها جاءت لمؤتمر كانت مشغولة قبل الحضور بموضوعه. بل وتقوم بإعداد الدكتوراه حول نفس الموضوع. وبالتالي فإن دعوتها من أسباب وعلامات النجاح للمؤتمر.
لها مؤلفات منها: البرق وحلم المطر، قراءات في القصة العربية القصيرة جداً. هزائم صغيرة (مجموعة قصصية). صورة الآخر في الرحلة المغربية خلال القرن التاسع عشر الميلادي. كما أنها نشرت عدداً من الدراسات في الصحف والمجلات المحلية والعربية. شاركت في عدد من الملتقيات الوطنية والعربية للقصة القصيرة والقصة القصيرة جداً. ونكمل..
مقال رأي للكاتب والروائي المصري يوسف القعيد نقلا عن صحيفة “عمان”