“هذه ليست أزمة منتصف العمر، بل هو انقضاء العمر الذي لا ندرك أنه يسيل كالماء الا مع تقدمنا بالسن”.
في رواية جنى نصر الله، “النوم الأبيض”، التي توقعها غدا في “معرض الشارقة للكتاب”، ثمة نساء وزمن. وجوه متعددة لامرأة واحدة. أو بوسعنا القول إنها ثلاثة مستويات وطبقات لوجه واحد: الكاتبة، نصر الله ذاتها، وبطلتها نوى التي هي في الرواية كاتبة أيضا، ولديها بطلة، لا نعرف اسمها، أو أن نوى لا تريد أن تسميها، والطبع هي، في الأصل، رغبة الكاتبة: جنى!
متاهة؟ ليس بالضبط، وان كانت نصر الله، الآتية من تاريخ عتيد في الصحافة اليومية، مدعمة بحس ساخر وأسلوب يصلح أن يطلق عليه “سهل ممتنع”، وقدرة على تخيل الحوارات، والتقاط التفاصيل بشكل مدهش.. ربما تكون قد تقصدت أن تدخل قراءها في تلك المتاهة اللذيذة، تماما كما هي الحياة. أليست أيامنا في نهاية المطاف هي في جوهرها تجسيدا لرغبتنا الممتعة بالعيش والبقاء والاستمتاع؟ ثم تصدنا حقائق مرهقة لكي تسقط الكثير من أوهامنا الجميلة، ومع ذلك نفضل المتاهة على الفناء.
الحياة مقابل الفناء. خط رئيسي في هذا الكتاب: الجسد، مرآة الزمن، ودرع مواجهته في واحدة من أكثر المقاربات الأدبية الحديثة جرأة وعمقا في الاحالة اليه:” أنا لا أعيش في السرير بل تجري حياتي خارجه”، تقول البطلة لصديقتها. اذ أنه، مع الزمن، الراويان الحقيقيان لسيكولوجيا الشخصيات وأفكارها ومشاهد عوالمها. ثنائي الزمن- الجسد يدخل القارئ في المتاهة ذات الأبواب المنوعة.