النعش على باب المستشفى، والملائكة أيضاً، وإن تجولوا بسرعة فى ردهاتها القذرة حين يشعرون بالملل، فى انتظار ساعته، وإن بددوا سأمهم أحياناً بقبض روح أو اثنين. رآهم الفناجيلى ابن أخيه، العين فى العين، وهم يبصون من ثقوب الأبواب، وإن تخفوا فى ملابس بيضاء كالأطباء وأحياناً كالممرضات. وهو كما هو، رابض فى السرير نفسه، بين الحياة والموت، خيط يشده وخيط يرخيه، ممدد ضعف، لا آهة، لا توجع، وجهه محتفظ بآلام عراكه الأخير. الأطباء الذين تناوبوا عليه استغربوا، ثم حاروا، يجدونه كل صباح فى مكانه، السرير لم يفرغ بعد، الطرقة لم تفرغ من أقاربه، ولا الحوش. الطبيب الذى جس نبضاً لم يجده، لم يصدق نفسه، تأرجحت عيناه بين الجسد الممدد والسقف، عله يرى الروح المعلقة بينهما، وربما من فرط حيرته، فتح شيش الشباك ليفسح لها أو ليدفعها، لكنه حين أفاق أغلقه، ومضى يعصر شفتيه.
أحمر خفيف
