الكم الهائل من الحنين أثقل كتفيه فانحنى في حركة لا إرادية وكأنّه يريد الاتّكاء على عصا تعينه على احتمال الألم.. لم يكن الألم نابعاً هذه المرة من هشاشة العظام التي عانى منها طيلة السّنوات العشرين الماضية، ولم يكن بسبب الضّغط المرتفع الذي يشكّل أمام عينيه غمامة من بخار البحر المتكاثف في هذا القيظ الذي لا حل له وسط ارتفاع درجات الحرارة إلى أقصاها.
أهي قدماه من يسير به إلى الحي القديم؟ أم رغبته في أن يلمح طيفها كما كان قبل ستين عاماً مضت؟ اليقين الوحيد ما تراه عيناه، لا وجود للحي بل لبنايات عالية على طرفي زقاق ضيّق فَقَد رائحته المحببة وتفاصيله الحميمة وأنفاس ساكنيه وسعة شارعه واحتفظ فقط بلوحة على جدار عتيق كتب عليها “الشّارع 4 شمالاً” وانمحى ذلك الرقم الذي خطتّه أنامله وهو صغير بالطّباشير.. كان الرقم (2 ) يعني له الكثير.. يعني (وداد) هو واحد وهي اثنان في كلِّ لعبة يلعبانها، وفي كلّ تشكيل يقوم به الصبية في الحي، كان يخشى كتابة اسمها كي لا يفضح نفسه لكنّه على يقين أنّها تعرف لماذا وضع ذلك الرقم بالطّباشير على لوحة الشّارع!الكم الهائل من الحنين أثقل كتفيه فانحنى في حركة لا إرادية وكأنّه يريد الاتّكاء على عصا تعينه على احتمال الألم.. لم يكن الألم نابعاً هذه المرة من هشاشة العظام التي عانى منها طيلة السّنوات العشرين الماضية، ولم يكن بسبب الضّغط المرتفع الذي يشكّل أمام عينيه غمامة من بخار البحر المتكاثف في هذا القيظ الذي لا حل له وسط ارتفاع درجات الحرارة إلى أقصاها. أهي قدماه من يسير به إلى الحي القديم؟ أم رغبته في أن يلمح طيفها كما كان قبل ستين عاماً مضت؟ اليقين الوحيد ما تراه عيناه، لا وجود للحي بل لبنايات عالية على طرفي زقاق ضيّق فَقَد رائحته المحببة وتفاصيله الحميمة وأنفاس ساكنيه وسعة شارعه واحتفظ فقط بلوحة على جدار عتيق كتب عليها “الشّارع 4 شمالاً” وانمحى ذلك الرقم الذي خطتّه أنامله وهو صغير بالطّباشير.. كان الرقم 2 يعني له الكثير.. يعني “وداد” هو واحد وهي اثنان في كلِّ لعبة يلعبانها، وفي كلّ تشكيل يقوم به الصبية في الحي، كان يخشى كتابة اسمها كي لا يفضح نفسه لكنّه على يقين أنّها تعرف لماذا وضع ذلك الرقم بالطّباشير على لوحة الشّارع!