لأول مرة يدخل الضفة بعد غياب خمس، وكان اللقاء غيرما صوّره خياله، وأبدع في تزويقه وتنسيقه، كان يحس بأن الضفة قد باتت بحجم القمقم، وإن روحه التي ما فتئت تهتم في سموات الشوق والحنان قد سقطت من سابع سما. وبالرغم من خيالاته العاشقة المحمومة التي عايشها طوال سنوات طويلة جديبة محرومة، وأحلامه التي تنقله كل ليلة إلى الجسر وما وراء الجسر، وإلى اللوحات السماوية المفروشة على امتداد الوهاد والوديان، والشلال باللوز المكدس على البسطة أمام الشلال تحت أشجار الجوز الباسقة-كل ذلك قد انمحى-ولم يبقى في ذاكرته إلا هلوسات وكلمات تتردد بإطناب ورتابة.. البترول. سوريا. ماجستير. الولد مات. ولم الشمل. بقالة الوفاء. لشبونة. المسامح. كريم. يا كلاب. يا كلاب. وتلفت حواليه، وهو يمتطي السيارة كانت الجنة تحت أقدامه وأمام عينيه، ولكنه بات سجين القمقم”.
الصبار
