بعد عشر سنوات مِنَ الانقطاع التام، لم يحتج إلى أكثر مِنْ خمس دقائق، وهي المدّة التي استغرقتها المكالمة ليفهم مِنْ حديث صديقه عن أولاده الثلاثة، كيف يأكلون ويشربون ويضحكون، أن ثمة متغيّرات دراماتيكية لا مكان له فيها. كما أنه ليس مضطراً إلى أن يستمع إلى امتعاض نزيه مِنْ نتيجة ابنه البكر في امتحان الرياضيات… كما لو أن الحياة كلها صارت وقفاً على ما يفعله أبناء الأخير في المدرسة.
ساعتئذٍ، أدرك موسى أن الماضي الذي كان يحنّ إليه، ولّى إلى غير رجعة… اتصل بصديقه الآخر فهمي، رحب به بحرارة، إلّا أنه كان مستعجلاً إقفال الخطّ، لأنّ ثمّة زبوناً ينتظر شراء دزينة صحون (صيني) مِنْ محلّه… انتابته نوبة إحباط، بعد أن أحسّ بأن الأمكنة صارت على مقاس شاغليها.