لم تعد السير الذاتية جنساً يحار القارئ في إيجاد مكان راسخ له في التاريخ الأدبي. فالذات تلجأ إلى كتابة سيرتها لتعيد ترتيب التطوّر النفسي أو الفكري أو المهني. وفي محاولة الترتيب والتأريخ الطولي المتتالي، تتحوّل السيرة إلى عمل لا يعكس الواقع، فالذات لا تنعم بحياة مرتبة أنيقة بل هي في الأصل متعددة ومنشطرة وأحيانا منقسمة على نفسها. ومن هنا لحظت الدراسات النقدية أن السيرة النسوية لا تعمد إلى الترتيب والتنميق من أجل كتابة خطية متتالية، بل تُبقي على التعددية النفسية والاخفاقات الفكرية والارتباك الذي يُصاحب لحظة الانغماس في الحياة والذي يؤدي إلى ما يشبه الحركة الدائرية، فلا تلجأ السيرة أبداً إلى السرد الذي يعتمد واثقاً على حدث كذا ثم حدث كذا.