تخطي التنقل

لقد تم غلق باب الترشح للدورة الحادية عشرة.

زمن الطيور الكاسرة

زمن الطيور الكاسرة

“طالت رحلتي من أفريقيا إلى المدينة التي أشعلتها قوات الاحتلال بنار هائلة حتى باتت مثل كرة لهب… دخلت إلى كرة اللهب، قادماً من الجزيرة التي قبضت على روح نورما صديقتي الصغيرة ذات هجرة غريبة… بيروت فككت آخر ما تبقى لدي من أمل، وكانت محاصرة مثل وردة في الرياح الساحة القادمة من الجحيم، وكان لي فيها أحبة ورفاق وامرأة تنتظر مولوداً… في بيروت كانت نورما، جاثية فوق جثة ليلى التي بقرت بطنها قذائف القادمين من بطن الليل لنشر الموت في البيوت البعيدة…. أخرسني موت ليلى المفجع… فقدت النطق لأيام طويلة، وظلت صورة الجثة محفورة في صحن طعامي لسنوات طويلة، وعينا نورما الشاخصتان إلى جدار، حيث أصابع ليلى رسمت وجهاً لطفل يبكي. كان الطفل جثة، بقايا في الزوايا، مضمخاً بوجه ليلى وسمّ الشظايا. ظلت نورما لسنوات طويلة تلتزم الصمت حول ما جرى وما شاهدت بأم العين… وكان خالد الصغير يكبر، ويرسم نساء على جدار البيت، محنيات الرأس غاطسات في الدماء… ووعد التي رغبتُ فيها ذات سَفَر، تلتقط صوراً للجدار ولا تتعرف إلى وجهي! كان خالد الصغير يشتري أقلاماً وأوراقاً، وبواريد من بلاستيك، ويصوبها على جندي إسرائيلي يحمل رشاشاً ويطلق الرصاص على النساء المرسومات على الجدار. إنني منذ تلك المذبحة، أقف وظهري إلى الجدار، وعيني على الوجع… إنني أحيا في المعادلة الأولى… للوجع!! إنني أنهض ذات صباح لأكتب لأولادي قائلاً: إنني قادم إليكم لأضع حداً، حداً نهائياً لهذا الفزع… فهل تمرنتم على إطلاق الرصاص من بنادق الخشب؟!!”.
المأساة الفلسطينية تتخلل أحداث الرواية متزامنة مع الحرب الأهلية في لبنان. في تلك السرديات تحاول الكاتبة الكشف عن التجربة الفلسطينية التي كانت لها ارتباطاتها مع التجربة الحزبية اليسارية في لبنان وذلك كله ضمن مناخات اجتماعية عاطفية إنسانية.