من اوكرانيا هذه التي يجلس على احد تلال عاصمتها الجميلة وسط الليل تبدا طيور السمان مع نهاية الصيف القصير، ومع نذر الخريف البارد، تقطع رحلة طويلة إلى افريقيا الحارة. وأول ما ترتاح قوافل السمان يكون على الشواطى الافريقية في مصر في المنطقة الممتدة من العريش إلى مرسى مطروح حيث ينتظرها خريف أكثر دفئا وموت محقق معلق في شباك الصيادين على الشوطئ. ها هو في كييف يسقط في أحضان السمان الذي لم يذهب بعد إلى السواحل الافريقية! أراد أن يقول للفتاتين شيئا عن رحلة السمان هذه ، فلم يسعفه الكلمات القليلة التى يعرفها. لم يكن ممكنا رسم ذلك. كان معه قلم، لكنه يحتاج إلى اوراق كثيرة ليرسم السمان ويرسم اوكرانيا ويرسم الطريق ويرسم افريقيا وسواحلها ويرسم القر والحر والموت. هذه رواية رحلة في الماضي والحاضر: ماضي البطل مقاتل حرب اكتوبر الذى يجد نفسه وحيدأ وسط تغيرات مثيرة ظالمة وحاضره والذي لم يستطع التواصل فيه مع العالم من حوله. انها مرثية ونشيد شعري كثيف لاحلام البطل.. وربما احلامنا.