تخطي التنقل

لقد تم غلق باب الترشح في الدورة العاشرة.

“كتارا” والمثقف العربي

“كتارا” والمثقف العربي

حين بدأت في كتابة هذا المقال كان ستار الحفل لجائزة كتارا للرواية العربية قد أسدل وعاد الفائزون بجوائزهم لبلدانهم التي لم تهتم بهم للأسف بل إن كثيرا منهم حتى غير معروف لقطاع كبير من المثقفين هناك ولكن بقيت في نفسي هوامش من التفكير في موقفي كمثقف عربي يعيش على أرض قطر ويرى هذا الاحتفاء برواد وكتّاب جاءوا من بلدان عربية مختلفة فقط لأنهم كتبوا الرواية ولم يصعدوا إلى القمر!

نعم لي أن أتعجب في عصر لم تعد فيه للكلمة المكتوبة أي حفاوة! وأصبحت الحكومات العربية لا ترى سوى بعيني الباحث عن توفير لقمة الحياة لمواطنين واضعو هم وحكوماتهم الثقافة في أسفل القائمة هذا إذا كان هنالك في الأساس قائمة للفعل الثقافي.

هذه الجائزة التي ما قامت سوى لإحياء مفهوم الرواية العربية في هذا الفضاء التعبيري للكلمة العربية في عصر تنكفئ فيه كل دولة على نفسها ولا تبحث سوى عن الطعام والشراب والدواء ولا تكتفي الجائزة بذلك فقط ولكنها تبعث تاريخ الرواية العربية ليكون على هامش الجائزة معرض كبير للكتّاب العرب وللرواد القدماء فزيارة واحدة للمعرض تعطيك نبذة عميقة عن تاريخ الرواية العربية كما أنها قامت بترجمة الأعمال الفائزة لأكثر من 4 لغات أجنبية ليقرأ العالم إبداعنا.

أنا أعرف أنني أمشي على خيط رفيع حتى لا أقع في بئر “المدح” في زمن لا يفسر سوى النوايا التي يحملها المرء في قلبه ويغلق عليها والتي لا يطلع عليه سوى الله ولكن هذه رؤيتي وشهادتي أنني كمثقف عربي فخور بتلك المسابقة وبالأسماء الكبيرة التي تفوز بها وبالمبالغ الكبيرة المحترمة التي يعود بها الفائزون لبلدانهم لتكفيهم مؤنة الحياة لأننا نعرف كيف يعاني المثقف العربي والعوائق المادية الضخمة التي تقف أمام تحقيق إبداعه وممارسته.

أنا أعرف أن الكثير سيفسر تلك الكلمات أنها مدح وتراجعت كثيرا قبل أن أكتب ولكن صديقي قال لي بالحرف الواحد لا تجعل رؤية الناس مقياسا للقلم وهذا هو ما فعلت.

شكرا لجميع القائمين على هذه الجائزة الكبيرة التي تعيد مجدا مضى تحت سنابك الواقع المرير والتي تضيء شمعة في محيط عربي قارب على ظلمة قوية لن نعبر منها إلا بتلك الأشياء المبهجة التي تشرق علينا في لحظات اليأس.

المصدر: جريدة الشرق

التاريخ: 14 أكتوبر 2016