تخطي التنقل

لقد تم غلق باب الترشح في الدورة العاشرة.

ندوات جائزة كتارا تطرح إشكاليات الرواية المعاصرة وتفند تحولاتها وتستعرض السرد في الفضاء الرقمي

ندوات جائزة كتارا تطرح إشكاليات الرواية المعاصرة وتفند تحولاتها وتستعرض السرد في الفضاء الرقمي

طرحت جائزة كتارا للرواية العربية 2016 التي تستضيفها المؤسسة العامة للحي الثقافي “كتارا” بالدوحة بمشاركة نخبة من الأدباء والكتاب والروائيين والناشرين العرب إشكاليات الأولى “المتغيرات في الرواية العربية المعاصرة” و “السرد الروائي العربي في الفضاء الرقمي”، تحولات الشكل في الرواية العربية و”المحلي والإنساني في الرواية” إضافة إلى واقع وتحولات الرواية الخليجية في السنوات الأخيرة.. هذه الإشكاليات بكل تفاصيلها اثارت العديد من التساؤلات بين الحضور من الروائيين والمهتمين مع النقاد المحاضرين الذين بدورهم فندوا كافة الإشكاليات فيما بقت بعض الأسئلة مطروحة وقوبلت بعضها بالتأويلات رهانا بالوقت..

ففي جلسة نقاشية قدمت “المتغيرات في الرواية العربية المعاصرة”، وشارك فيها كل من رزان إبراهيم، والأديب الدكتور أمير تاج السر، والناقد الدكتور مصطفى جمعة، وأدارها الناقد الدكتور سعيد يقطين. أشارت الدكتورة رزان إبراهيم في ورقة بعنوان “الرواية العربية المعاصرة اتصال أم انقطاع؟” إلى أن هناك نمطا سرديا له حضوره الآن ولم يتخلق مباشرة بعد عام 2010، وعرجت في هذا السياق على مجموعة من السمات أبرزها غياب القواعد والقوانين السردية المتعارف عليها، فضلا عن نمط سردي متطرف في انقطاعه عن العالم، ثم نمط يتحصن بالخيال عبر رحلة فوق عقلانية، ودعت الناقدة إلى تفعيل التصدي النقدي لمن يجترئون على اقتحام عالم الرواية من قبل من لا يمتلكون مؤهلات لذلك. وقالت في ختام مداخلتها انه لابد من التنسيق بين الناقد والناشر لمعرفة ما يطلبه القارئ، مشيرة إلى أن هذا القارئ يبحث عن ذاته، وعن رؤى التي تحاول أن تجيب عن بعض الأسئلة الملحة اليوم، مشيرة إلى أنه لابد من أن يأخذ السؤال التالي بعين الاعتبار: ما هي الرواية التي يقبل عليها القارئ؟ ولماذا يقبل عليها؟

أما الدكتور مصطفى جمعة فتحدث عن “السرد الروائي العربي في الفضاء الرقمي”، في جزئيه النظري والتطبيقي، وناقش في الجزء النظري علاقة الأدب بالإنترنت، هذا العالم الذي بات حقًا من حقوق الإنسان المعاصر، وحصر الجانب التطبيقي في أشكال السرد الروائي على الإنترنت وأنماطه المختلفة مثل الرواية الفيسبوكية، والرواية التكنولوجية، ورواية علاقات الإنترنت وغيرها..

وقدم الدكتور أمير تاج السر، شهادة حول تجربته الروائية وكيف اقتحم عوالم الكتابة منذ المرحلة الإعدادية وتعرّفه على كتاب وروائيين كبار عندما كان في مصر، وقال في سياق أجابته عن علاقة الأدب بالمادة العلمية التي تأتي في سياق النص الأدبي ان المعرفة تقدم ولكن القصة تظل هي نفسها، فمثلا قد يطرح الكاتب موضوع الفلسفة فيستمتع القارىء بالرواية وفي نفس الوقت يلم بالموضوع العلمي ألا وهو الفلسفة. وقدم أمثلة من قصصه جاءت على هذه الشاكلة ولم يتذمر أحد من تداخل العلمي مع الأدبي.

وفي الجلسة الثانية ناقش المشاركون تحولات الشكل في الرواية العربية، حيث قدم الدكتور عبد الملك أشهبون ورقة بعنوان “التخيل السير ذاتي في السرد العربي: التركيب والدلالة”، فيما تحدث الدكتور إبراهيم عبدالمجيد عن “الشكل الفني للرواية وتاريخ الفنون”، وأدار الجلسة الدكتور شكري الماضي. وأفاد أشهبون بان من ضمن تحولات الشكل الروائي في المغرب مثلا الرواية العرفانية وهي نوع أدبي يدرس ويعطى الاهتمام على مستوى النقد الأدبي، مضيفا: من المعروف أن النوع الأدبي الذي يزاوج بين أنواع متغيرة هو من أبرز من تجليات الحداثة في الرواية والنتيجة التي يسفر عنها هذا التزاوج هو إعادة تأليف النوع الأدبي وتكييف محدداته مع ظهور كل إنتاج جديد يندرج في نطاقه. وأضاف قائلا: إن كل سيرة ذاتية تتضمن بصورة إجبارية قسما من التخييل الذاتي الذي يكون غاليا لا واعيا أو مستترا. وفي الجزء الخاص بالتخيل الذاتي في المشهد العربي أشار الناقد إلى أن رواج مصطلح التخييل الذاتي وتداوله عربيا ظل محصورا في نطاق ضيق جدا، رغم أن العديد من النقاد يذهبون إلى تصنيف روايات بعينها بأنها تدخل في باب التخييل الذاتي، وقال إن الروائي المغربي عبد القادر الشاوي فضل أن يسمي كتابه “دليل المدى” و”من قال أنا” بتخييل ذاتي معتبرا أن هذا الكتاب ليس دراسة فكرية ولا سياسية بل هو كتاب من فعل التخييل، ومن مجنحات أوهامه.

وقال الروائي المصري إبراهيم عبد المجيد: منذ سن مبكرة ومثل أي كاتب أدركت أن الشكل الفني هو أساس الموضوع، وهذا ما يميز المدارس عن بعضها البعض، حيث الكلاسيكية والرومانسية والعبثية والتغريبية والملحمية الخ.. مضيفا أن الشكل الأدبي يختلف وفقا للعصر ووفقا لرؤية الكاتب التي تختلف من مرحلة الى أخرى، والأدب قائم على هذه المدارس الأدبية. وعرج الكاتب على الرواية التاريخية والكلاسيكية والواقعية الاشتراكية والواقعية الوجودية.. مشيرا إلى أن شكل الرواية تغير عبر هذه المراحل التاريخية.

وفي جلسة ثالثة ناقش كل من الروائي واسيني الأعرج، والدكتورة هويدا صالح، والدكتور صالح هويدي، “المحلي والإنساني في الرواية” بإدارة الناقد الدكتور محمد الشحات الذي أشار في مستهل تقديمه لموضوع الجلسة إلى أن سؤال المحلي والإنساني أو المحلي والكوني سؤال إشكالي تتناوله الكثير من الأوراق النقدية والمداخلات البحثية معرجا على بعض مشاهير الرواية في العالم مثل شكسبير وموليير وغيرهما.

في البداية أكدت الدكتورة هويدا صالح في ورقة بعنوان “جدل المحلي والعالمي في الرواية العربية” أن الرواية هي الجنس الأدبي الأكثر قدرة على تصوير طموحات الإنسان وتطلعاته، مآسيه وعذاباته، ومنذ بدايات الرواية في العالم لم يقتصر تصويرها، ولم تقتصر دلالاتها على مكان كتابتها أو على الزمن التاريخي الذي تدخله فضاءها السردي، بل أبدعت الرواية عبر تاريخ كتابتها نماذج إنسانية متخيلة عامة تضم تحديدات بشرية في أوج تصاعدها وفي قمة إمكاناتها وتناقضاتها، نماذج إنسانية تنسحب على كل مكان وزمان، لأنها اشتغلت على هموم الإنسان وقضاياه وعلى المشتركات والقواسم المختلفة بين عموم الإنسانية.

وفي ورقة بعنوان: الرواية العربية الارتقاء بالمحلية وأنْسَنَة العَالَمِية: قال الدكتور واسيني الأعرج “في عنوان الجلسة ثنائية تكاد تكون غير طبيعية. وهناك مفهوم يقارب العنوان وهو العالمية، فنحن إذن أمام ثلاثة مفاهيم وهي المحلية والمقصود بها أن الكاتب مرتبط بالأرض والمناخ والعطور وبمساحة معينة ومرتبط بتاريخ وثقافة وهذه الثقافة تلعب دورا حاسما في المنتج الروائي. لكن عندما ينتج نصا ما هي الحدود الفاصلة بين هذه المحلية التي ينتجها الكاتب وبين الأفق الآخر الذي هو الانسانية؟ إن مصطلح الانسانية هو أفق يبحث عنه الكاتب، فالإنسانية ليست هي العالمية، بل هي هذه القيم المشتركة بين جميع البشر، والكاتب عندما يكتب فهو يكتب داخل هذه القيم (مثلا موقفه من الحرب، الطفولة، الحب، الكراهية..) هذه القيم هي التي تبرر وجود الانسان على الأرض بشكل إيجابي وليس بشكل سلبي، أما العالمية فهي أمر آخر، وطرح الأعرج سؤالا إشكاليا هو: من يصنع العالمية؟

وناقش الدكتور صالح هويدي موضوع “المحلي والإنساني: جدل أم تراتبية؟” من خلال بسط عدد من الأسئلة حول دلالة الصياغة الجديدة لهذه الثنائية ومتغيراتها، فضلا عن التساؤل عن دلالة صياغة الموضوعة في بنية العنوان: أيقصد بها الدلالة على الجمع بين المعطيين؟ أم وضع طرفيها إزاء بعض في صيغة تضاد، لاختيار أحدهما؟ أم المقصود بها منطق التسلسل التراتبي؟ وأشار الناقد إلى أن العنوان يضمر رغبة في وضع طرفي المعادلة في صيغة المقابلة والتضاد والتراتبية. وقدم مثال سعيد مهران في رواية “اللص والكلاب” لنجيب محفوظ، وعمر الحمزاوي في رواية “”الشحاذ”، هل كانا تعبيرا عن الواقع المحلي أم هما تعبير عن أزمة كل منهما. وقال إن هناك كتابا استغرقتهم المحلية ولم يخرجوا منها وعدد منهم لم يستطع أن يقنعنا بمحليته.

اما الجلسة الرابعة التي أدارها الدكتور خالد الجابر، تحدثت سعدية مفرح والدكتورة عائشة الدرمكية ورجاء الصانع عن واقع وتحولات الرواية الخليجية في السنوات الأخيرة، وعن مضامين النصوص السردية التي أصدرها أصوات نسائية في الخليج العربي، كما أجمعن على خصوصية الرواية الخليجية، وبروز أصوات نسائية جديدة في هذا المجال.

المصدر: جريدة الوطن العمانية

التاريخ: 13 أكتوبر 2016