تخطي التنقل

لقد تم غلق باب الترشح في الدورة العاشرة.

«حضرة الجنرال».. كمال قرور يحكي عن الطغاة وهندسة الخراب

«حضرة الجنرال».. كمال قرور يحكي عن الطغاة وهندسة الخراب

يتميز الكاتب الجزائري كمال قرور المسكون بهاجس المواطنة، والمشتغل في نصوصه على ما يتصل بها، بسرديته المتفاعلة مع المدونة الحكائية التراثية، خصوصا السيرة الهلالية. يقارب روائيا الديكتاتورية ويقوم بتشريح شخصية الطاغية الديكتاتور، تشريحا يتصل وينفصل عن مدونات كتاب جزائريين آخرين قاربوا الموضوع، كالطاهر وطار وياسمينة خضرة ومرزاق بقطاش وواسيني الأعرج وعبد العزيز غرمول وإبراهيم سعدي، وبعض نصوص سعيد بوطاجين وبعض قصص حميدة عبد القادر، وربما تحضر مع خصوصية كل تجربة، رواية «مجنون الحكم» للمغربي بنسالم حميش المسكون بالتاريخ والتراث، الذي عاد إلى الفترة الفاطمية وهي متصلة تاريخيا بموجات الهلاليين.

رواية الديكتاتور ارتبطت بأدب أمريكا اللاتينية، وطرح البعض السؤال عن سبب تأخرها في الأدب العربي، رغم أن التراكمات التاريخية وحيثيات الراهن مقترنة بالحضور الطاغي للديكتاتور.. ربما لا يمكن تقديم مقاربة إلا بتمثل السياق بكل تفاصيله، سياق سيرورة إنتاج الديكتاتور، سيرورة تؤدي إلى صيرورة تشكل كينونة الديكتاتور، الديكتاتور ليس فقط كشخص، وإنما كمنظومة تبدأ من الأسرة إلى أعلى مستوى في هرم السلطة، منظومة ما ترسب وشكّل الذاكرة والمخيال والمعايير والقيم، منظومة من تجلياتها أطروحة المستبد العادل التي سوغت باسم شعارات مختلفة الديكتاتورية، منظومة أنتجت ما عبّر عنه الصافي سعيد بـ«التاريخ الأسير والجغرافيا المتصدعة».

كمال واصل ما سبق أن دشنه في «الترّاس» بسردية تعيد التمثل الجمالي للتراث وباشتغال على لغة تقترب مما يعرف بالسهل الممتنع، وبحمولة تجسد التثاقف والتحاور مع المتعدد وبثيمات تفصح وتعبر عن هواجس تسكن الكاتب. في «حضرة الجنرال» يقتحم كمال ساحة الخطاب عن الديكتاتور بدون تسطيح وبدون تنميط، يمزج بتكثيف مدروس بين ما تجمع نظريا وعمليا عن الديكتاتور، يدخل في تناص مع سير ونصوص، يجرّد أحداثا ومسارات من العابر، ومن تمييع التفاصيل للمعنى ومن شخصنة تحد من إمكان تمثل الطاغية. الكاتب عشراتي الشيخ ذكرها مع كتاب عميمور عن الجزائر، والعقيد القذافي ورواية ياسمينة خضرة «ليلة الريّس الأخيرة» كثلاثة كتب عن القذافي و«في الحقيقة رواية كمال لا تتعلق بالقذافي تحديدا، وإن كان يمكن أن تشمله مع غيره من الديكتاتوريين»، فهي رواية قاربت شخصية الديكتاتور بالمزج بين وقائع ومسارات مختلفة، وبتوظيف للسيرة الهلالية، هذا الاستحضار نجده في روايات كـ»مجنون الحكم» لبنسالم حميش، ونصوص من أدب أمريكا اللاتينية، ولهذا يحضر ماركيز في «حضرة الجنرال»، يحضر مع السيرة الهلالية كمزج بين ما يتصل بسيرة الديكتاتور.

العنوان كعتبة نصية مختزلة بتكثيف دلالي لحمولة النص، كان ملخصا لما يتصل بمعادلة الحكم، التي ارتبطت بحسم محدّد هو الحسم بقوة السلاح، بمنطق القوة وليس قوة المنطق.

المصدر: القدس العربي

 


أضف تعليق