منذ عامين حين طلب أحد الأصدقاء أن أكتب قصته ، ترددت في البداية و اقترحت ان أساعده ،لكنه قال إنه لن يسعه أن يفعل ذلك لوحده ابدا .

أصغيت اليه لساعات ورافقته في جولات علاجه واكتشفت عالما مثيرا ثريا بماده جديرة بالكتابة

سرعان ما وجدت نفسي في موقف حساس : هل علي أن أروي و أكتب و أكتشف كل شئ كما طلب مني صديقي ؟ و بعد تفكير اخترت ألا أهمل شيئا و أن اشاركه أفكاره و أضع نفسي مكانه .

في البئر وجد كثيراً من الكنوز المدفونة ،،، رَمَــوه هناك وقالوا: يلتطه بعض السيارة، ولم يعلموا أنّ النبوءة أوّلها إلقاءٌ في الـجُبّ …!! مساكين أولئك الذين ظنّوا أنّ الموت أو الغياب السّحيق سوف يُودي بصاحب الجبّ، لم يَــدُر ما في خَــلَــدِهِم يوماً أنّ الفضاءات المطلقة تبدأ من الجحور الضّيّقة، هناك تُصْنَعُ الحياة، ويُعاد ترتيب مكوناتها … هناك يتهجّأ الإنسان حروف ولادته من جديد …

بين فاصلين زمنيّين يلتط المرء أنفاسه، ليُصغي إلى إيقاعها وهي تدور من جديد، بين رصاصتين يلتط القتيل جسده ليصبح شاهداً على زمن الظلم، وبين كلمتين يصنع الشاعر مجده حين يُتقِنُ حرْفَ الحرف، ويذهب عميقاً في التأويل والتأمل …

أحيانًا ترى وجهًا فيخيّل إليك أنك تنظر في مرآة
قد يبدو الأمر غير منطقيّ ألبتة
ولكن الكثير من الأشياء تحدث بطريقة غير منطقيّة..
…

الكتاب اشتمل على حوالي الأربعين مقالا، منها مقالات عن ساحر الكتابة بورخيس بحسب شهادة الكاتب الأرجنتيني ألبرتو مانغويل الذي كان يوما يقرأ لبورخيس بعد إصابته بالعمى، بورخيس الكبير لكن المتواضع الذي يستفيد حتى من آراء المبتدئين في كتابته، بعكس كثير من كتابنا العرب الذين يصيبون قليلا من الشهرة، ويتعالون على القراء..تعرض تاج السر في كتابه، للقارئ باعتباره الهدف الأساسي الذي تسعى الكتابة لاسترضائه، وكيف أن بعض القراء قد لا يفهمون جيدا ويعممون عدم فهم للآخرين، ومواقع القراءة التي أضحت مشنقة للكتب التي ربما يكتب عنها من لم يقرأها أصلا، وسمع عنها فقط وسماها الكاتب بحماقات الإنترنت ؛ حيث يتخيل كثير من الناس أن الكتابة نقل مباشر للواقع ولا يعرفون وظيفة الخيال المهمة، في عملية صناعة النص، وقد تعرض الكاتب لشخصيات، ليست واقعية أصلا واشتهرت في بعض النصوص وتم إلباسها لشخصيات موجودة في الواقع في أمكنة ما، وبالتالي، فصلت لها هوية واقعية بلا وجه حق، ومنها شخصية ” سيف الدين ” في رواية ” عرس الزين ” للطيب صالح، وكانت شخصية خيالية، تم رسمها في الواقع في القرية التي يعيش فيها. تعرض الكتاب أيضاً في مقالات لرموز الكتابة الراحلين، ومنهم جمال الغيطاني الذي رحل مؤخرا، وكيف أن تسمية شارع باسمه في منطقة الجمالية، يعد تكريما كبيرا له، ويتمنى لو عممت مثل هذه التكريمات على كل المبدعين.

الشخص الذي يسرد هذه القصةة هو المؤلف ،أي بوضوح هو أحمد المديني . أنما المؤلف في نظر القراء والناس جميعا شخص وقور ،متزن ،صارم الملامح في الاغلب وهو في هذه الامة التي قدر لي الأنتساب إليها يفترض فيه تنكب طريق الزلل ، والمشي بالقالة ، وعدم معاشرة المحتالينوأولاد الحرام ……….

“اقترب تاريخ زيارتنا لحسن. ثلاثة أشهر وأمي تشكو وهي تعدّ ما سنحمله له. حالتي النفسية بين المدّ والجزر مع الرهاب الخانق الذي أخجل وأخاف أن أحدِّث أحداً عنه…
كان عليّ أن أشتري لحسن بدلة رياضية. أمي رمَت بأمرها عليّ ولم تسألني كيف. عليك أن تشتري لأخيك بدلة رياضية لائقة ليلبسها في سجنه…
لم تنتظر مني رداً حين واصلت…………

يعيش الطفل محمد بين عالمين : عالم مدينة فاس العتيقة بدروبها الضيقة ، و دورها ذات الحيطان الرمادية العالية و أسواقها الزاهية بالعطور و الألوان ، وبين عالمه السحري الخاص الذي لا يشاركه فيه أحد : عالم صندوق عجائبه الذي يحاوره و يأنس إليه كلما ضاق به عالم الكبار المتشعب ، القاسي ، عالم الفقيه صاحب السوط ، والجارات الثرثارات ، عالم الباشا المتسلط و التجار الجشعين .

يحوي صندوق العجائب هذا كنوزا لا يدرك كنهها إلا هو ، ولا يشئ بأسراره إلا له .

مجموعة قصصية جديدة للدكتور اياد ناجي تضم اربع قصص تحكي واقع المجتمع السوري في بعض جوانبه وخصوصا فيما يتعلق ببعض العادات والتقاليد التي مازالت تسكن في عقول البعض وتنعكس سلبا على سلوكهم وتصرفاتهم رغم ان هذه العادات قد عفا عليها الزمن واصبحت لاتصلح لزمن العلم والمنطق والعقل.‏

في هذه المجموعة القصصية يعالج ناجي العديد من القضايا ويقف عند نماذج مختلفة من السلوك ونمط العيش بقالب سردي ليظهر تفاصيل حكاياته والحالة الاجتماعية لكل شخصية علما ان هذه الحالات ربما لم تعد منتشرة الا في بيئات نائية ربما لم تستطع ان تلتقط مساحة كافية من الوعي والنضج فيما يخص هذه القضايا.‏

هي رواية عن الحب والفقدان والثورة والأحلام وعن انتكاسات متبوعة بقدرة كبيرة على المقاومة والانبعاث. رواية قاسية لما تحمله بين طياتها من ألم متعدد: ألم الذات التي قدر لها أن تكون فاقدة للهوية لقيطة بلا أصول، وألم الواقع العفن الذي يستهتر بالحقوق.

واقع يتعامل فيه مع البشر على أساس أنهم أشياء تافهة: فقر وعري وفساد وقهر وعنف وتهميش ومصادرة لأبسط حقوق العيش. وألم النحس المطارد للشخوص الروائية التي فشل أغلبها في بلوغ مراميه، وتحقيق برنامجه السردي المتمثل في الكنوز المبحوث عنها، والتي أضحت كلها فخاخا ومتاهات تتعثر فيها وبواسطتها خطوات الرواة والشخصيات.

إنجاز سردي يأتي من أعماق السهو ،

يكاشف المخفي، يهتك أفعالا تنسب إلى المجهول ، يقول : إن الصحراء أضحت يتما فارها، لا يتوانى عن الرقص في العتمات.

أيها الهادر في الصمت تدارك مافات في قبو الكلام، وافصح عن نوبات من الانتهاك حتى تتعرى شجرة الكلام من أوساخ الوقت .

لولا حكمة سيدي بوغالم التي تغلبت في ذلك اليوم لكان الأمر قد قضي و رجمت رحمة في ساحة الحميرية حتى الموت ، فقد كان جل الآراء في الاجتماع يميل الى معاقبة رحمة على ما تفوهت به . و لولا حضور عبود في اخر لحظه والقوم يتداولون في الامر بعدما احتد الإنقسام بينهم ، لكانت رحمة أول امرأة في القرية بل في المنطقة بأسرها تلقى حتفها بتلك الطريقة البغيضة و لبقيت جثتها مطروحة هناك حتى تتحلل لأن الفقيه قال يومها إن الكافر لا يدفن في مقابر المسلمين ونحن ليس في قريتنا مقبرة لغير المسلمين .

كان والدي غاضبا أشد الغضب و كنت و أنا قريب منه بحيث ألمس جسمه أحس بتنفسه السريع .

اتفق لي ذات شية ، وأنا اطوف بظاهر فاس، أن وقفت على أناس مجتمعين في باب عجيسة وهم يتخاصمون ويتساءلون في غضب عن أمر غريب هو غياب شخص يدعى  ( إدريس لفداوي) فأقتربت أكثر أستطيع جلية الامر ، فعلمت أنهم من المغرمين بالقصص والحكايات ……

مجموعة قصصية، تحتوي على 17 قصة، منوعة في أحجامها بين القصيرة جدا، والقصيرة، ومنها الطويل أيضا.
بين القصص السيكو-دراما، المعتادة من أكرم إمام، وقصص إجتماعية تحلل الكثير من متغيرات المجتمع وتقلباته.
ركنا آخر بالمجموعة ينتمي الى أدب الكوارث، بجانب الرومانسية على جانب آخر. الكاتب لم ينسى أيضا بعض القصص الخفيفة.
المجموعة تحتوي على قصتين تقدم بشكل جديد، واحدة منها كتبت على لسان طفلة، والاخرى يرويها كلب.
صور من المجموعة فيلم روائي قصير بالفعل، هو فيلم “قاتل كيوبيد”، بالاضافة الى أفلام اخرى قادمة.

رجل يتظاهر بالتفكير بينما عيناه في الزجاج وأذنه في الشارع ، فجأة يلمح الجوربين ، لا يرى سوى الجوربين والحذاء وأعلى الركبتين تحت الجوبه ، تشتعل في بدنه نار سخرية ، يتنامي الحريق ، يأخذ في التململ في مكانه وفي الغمغمة بينما السيجارة تلتهم مقدمة شفتية ………

هذه الرواية تحيّرك.. لا تنتهي صفحاتها الأخيرة وأنت على وفاق مع مجرياتها، ليس لأن الكاتب أهمل مسارًا ما لإحدى شخصياته ولا لأنه أغفل جانباً من مسارح روايته.. أبداً والله، بل لأن بنجلون مبدع جداً لدرجة أن يضعك في هذا التيه الذي تلاحظه بعد الانتهاء من الجزء الثاني للرواية.

هذه رواية بجزأين؛ تحكي عن حياة زوجية لا أظن السعادة -البارزة في العنوان بشكلٍ تهكميّ- هي إحدى سماتها.. يروي الزوج في الجزء الأول والأطول أحداث حياته في رحلة على ضفاف الذاكرة بين الحاضر والماضي، لا بد للقارئ وبأقل قدر من المشاعر أن يتعاطف مع بؤس هذا الزوج المتهالك، بل ويتغضن وجهه وهو يمرّ على السطور التي تُذكر فيها امرأته الكارثية.

يأتي الجزء الثاني فتحكي الزوجة جانبها من الحكاية فلا أخال القارئ أقلّ قدراً من التعاطف معها، بل لعله يشيح بوجهه عن الزوج قليلاً ويعطي هذه البائسة نصيباً أكبر من الشفقة والترحم على حالها.. يخضع الممسك بدفتي هذا الكتاب إلى حيرة مؤقتة وتساؤل: من معه الحق؟ ومن هو أجدر بالتصديق بل والأخذ بقلبه في أحضان المواساة.. رواية جميلة جداً.